للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله فى مسألة شفعة الجار وقال أن الشريك جار واستدل عليه بقوله امرأتك أقرب إليك أم شريكك فقياس الاسم معنى القرب واحتج فى الأمر باشتقاق اللفظ.

وذهب جماعة من أصحابنا إلى أن إثبات اللغة بالقياس لا يجوز وهو قول أصحاب أبى حنيفة وأكثر المتكلمين١ واحتج على ذلك وقال أن اللغة أما توقيف واصطلاح فلا معنى للرجوع إليه ببينة قوله ما من شىء إلا وله اسم فى اللغة توقيفا فلا يجوز أن يثبت له اسم آخر بالقياس كما إذا ثبت الحكم بالنص لم يجز أن نثبت له حكما آخر بالقياس.

والمعتمد لهم أن الخلاف فى الأسماء المشتقة والعرب تلتزم وجود الاشتقاق فإنهم سموا الدابة دابة لدبيبها ولم يسموا كل ما يدب دابة وسموا الجنين جنينا لاستتاره ولم يسموا كل مستتر جنينا وسموا المجن مجنا لأنه يستتر به الإنسان ولم يسموا كل ما يستتر به مجنا.

وأقرب من هذا أن الخمر ليس فى معنى اسمها الإطراب إنما هى من المخامرة والتخأمر والتخمير فلو ساغ الاستمساك بالاشتقاق لكان كل ما يخأمر العقل خمرا وأن لم يطرب الخمر يدل عليه أن العرب خالفوا بين المتشاكلين فى الاسم فسموا الفرس الأدهم أدهم وسموا الحرير الأسود أدهم وسموا الفرس الأبيض أشهب ولم يسموا الحمار الأبيض أشهب فدل عليه أنه لا مجال للقياس فى هذا.

قالوا: ولأنكم أن أثبتم هذه الأسماء لغة للعرب فلا يجوز أن تكون اللغة أسبق من الشرع ولتقدم اللغة خاطبنا الله تعالى بها فلا يجوز إثبات الأسماء فيها بأمور طويلة.

تنبيه أن الدليل بإثبات الأسامى قياسا أن كان يزعم أن العرب أرادت هذه الأسماء وأن لم يبوحوا بذلك فهو تحكم من غير تثبت ولا نقل فيما يزعمه وأن قال أن العرب لم تمنع بذلك فى مواضع يلحق ذلك بلسانهم وهذا محال لأن إلحاق شىء بالشاهد ليس من لسانهم لا يعرف وأما دلائل من جوز ذلك فى الأسماء المشتقة لأن الاسم الموضوع يبنى على ذلك الشىء فحسب والاسم المشتق يبنى على ذات الشىء وفعله وخاصيته والدليل على جواز تعليله أنه نقل عن الصحابة تعليل الأسماء قال عمر رضى الله عنه الخمر ما خأمر العقل وقال ابن عباس [رضى الله عنهما] ٢ إشارة كل مخمر خمر.


١ انظر إحكام الأحكام للآمدي ١/٧٨ روضة الناظر ١٥٢ البرهان ١/١٧٢.
٢ بياض بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>