للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأول إشارة إلى التعليل بالشدة المضرة لأنها بشدتها والتصاقها يمازج السكر منها العقل وكذلك قول ابن عباس رضى الله عنهما إشارة إلى أنها تغطى العقل بالسكر كما يغطى الإناء بالغشاء.

ببينة: أن أهل اللغة جعلوا الأسماء على أقسام فجعلوا المشتقة أحد تلك الأقسام والاشتقاق بأنه القياس وربما استعاروا فى الأسماء الموضوعة واستخرجوا من ذلك أسامى وتصريحات فى مواضع من ذلك قولهم أشياء شد الرحيل إذا نوى وأسدته على كذا إذا شببه وقالوا: كلب أشياء وكلب الدهر علينا وسبع فلان فهذه اشتقاقات من اسم السبع والكلب والأسد.

قال الخطابى ومثل ذلك فى كلامهم كثير وقد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم فى كلامه قال صلى الله عليه وسلم: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" ١ وقال صلى الله عليه وسلم حاكيا عن ربه عز وجل: "أنا الرحمن وهى الرحم شققت لها من اسمى من وصلها وصلته ومن قطعها ثنيته" ٢.

وقد أحدث فى الشرع أسماء لم تكن فى الجاهلية كالمنافق وإنما اشتق من نافقة السرجوح٣ وكالفاسق يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وإذا ثبت أنهم وضعوا الأسماء وصرفوا الكلام تصريفات من جهة الاشتقاق ذلك أنهم جعلوا المشتق بمنزلة الفرع والمشتق منه بمنزلة الأصل والمعنى الذي اشتق لأجله بمنزلة العلة هذا الذى قلناه قدر الإمكان واعلم أن كلماتهم فى نفى إثبات الأسامى لغة العرب بالقياس قوى جدا فالأولى أن نقول يجوز إثبات الأسامى شرعا ولا يجوز إثباتها لغة وهذا هو الذى اختاره ابن سريج والدليل على جواز ذلك أنا نعلم أن الشريعة إنما سمت الصلاة صلاة لأجل صفة من الصفات متى اشتقت تلك الصفة عنها لم تسم صلاة ونعلم أيضا أن ما شاركها فى تلك الصفة تكون صلاة ونبين هذا بثبوت الأسماء الشرعية بالعلل وأن شئت قلت: أن الشريعة وسعت هذه الأسماء الشرعية مثل الصلاة الزكاة الحج وغير ذلك لاختصاصها بأحكام من الشريعة فإذا ثبت هذا الأمر لمعان جاز قياس كل محل وجد فيه ذلك المعنى وتسميته بذلك المعنى الاسم وعلى هذا خرجت الأسماء.


١ أخرجه البخاري الإيمان ١/٧٠ ح ١١ ومسلم الإيمان ١/٦٥ ح ٦٤/٤٠ والترمذي صفة القيامة ٤/٦٦١ ح ٢٥٠٤.
٢ أخرجه البخاري في الأدب ١٠/٤٣٠, ٤٣١ الحديث ٥٩٨٨ ٥٩٨٩.
٣ السرجوج: أي االأحمق انظر القاموس المحيط ١/١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>