للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينعقد ومن هذا تسميتهم الوطء نكاحا لأن العقد الذى هو حقيقة النكاح سبب له فسمى باسم سببه كتسميتهم المطر سماء لأنه من السماء ينزل.

تقول العرب ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم وقال الشاعر

إذا سقط السماء بأرض قوم ... وأرض القوم ليس لهم حجاب

ومن هذا قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:١٠٧] يعنى الجنة لأن دخولهم الجنة برحمته يكون.

ومن المجاز أيضا تسمية الشىء باسم ما يقارنه ويجاوزه قال امرؤ القيس.

إذا ما الثريا فى السماء تعرضت

وفى شعر زهير سمى عاقر الناقة أخا عاد وأراد ثمود لقرب ما بينهما وسموا أهداب العين أشفارا وإنما الأشفار مبيت أهداب العين وعبروا أيضا عن الجفن بالعين وبالمحاجر عن الوجه قال الشاعر.

هن الحرائر الأرباب لعمرى ... سود المحاجر لا يقرأن بالسور

وقال بعض أصحابنا أن الوجه يعبر به عن العين مجازا ومن هذا قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:٢٣] معناه أعين يومئذ ناضرة ويعبرون عن الوجه بالناصية فيقولون فلان مبارك الناصية أى مبارك الوجه ومن المجاز تسميتهم الشىء باسم ما يؤول إليه١ قال الله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} [يوسف: ٣٦] وقال تعالى لهما يأكلون في بطونهم نارا ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم فى الذى يشرب فى آنية الذهب والفضة: "إنما يجرجر فى بطنه نار جنهم" ٢.

ومن المجاز تسميتهم الشىء باسم مكانه قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} [قّ: ٣٧] أى عقل فكنى عن العقل بالقلب لأنه مكان العقل ومن هذا قوله تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة:٤٥] أى بالقوة لأن اليمين محل القوة ومن هذا أيضا تسميتهم قضاء الحاجة غائطا والشىء النجس عذرة ومن هذا تسمية الولد لهوا قال الله تعالى لو أردنا أن نتخذ لهوا أى ولدا لأنه وضع اللهو.


١ انظر المحصول ١/١٣٤.
٢ أخرجه البخاري الأشربة ١٠/٩٨ ح ٥٦٣٤ ومسلم اللباس ٣/١٦٣٤ ح ١/٢٠٦٥ وابن ماجه الأشربة ٢/١١٣ ح ٣٤١٣ ومالك في الموطأ صفة النبي صلى الله عليه وسلم ٢/٩٢٤ ح ١١ وأحمد المسند ٦/٣٣٩ ح ٢٦٦٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>