للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصح لأنا بينا هذه الأسماء منقولة من اللغة إلى الشريعة ومنها الألفاظ التى علق التحليل والتحريم فيها على البيان كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] فقال بعض أصحابنا إنها مجملة لأن العين لا توصف بالتحليل ولا بالتحريم وإنما الذى يوصف بذلك أفعالنا وأفعالنا غير مذكورة فافتقر إلى بيان ما يحرم من الأفعال وما لا يحرم ومنهم من قال إنها ليست مجملة١ وهو الأصح لأن التحريم والتحليل فى مثل هذا إذا [....] الأفعال مقصورة فى هذه الأيمان ولا يراد أنه إذا قال لغيره هذا الطعام عقل منه تحريم الأكل وكذلك إذا قال حرمت عليك هذا الشراب يعقل منه الشراب فصار المراد معقولا من هذا اللفظ وما عقل من اللفظ لا يكون مجملا فصار هذا الطريق أولى من الأول.

ومنها الألفاظ التى تتضمن النفى والإثبات كقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" ٢ وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلى بولى" ٣ وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" ٤ وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل" ٥ وما شبه هذا.

فقد زعم بعض أصحاب أبى حنيفة أن هذا مجمل لأن الذى نفاه هو العمل أو النكاح أو الصلاة وهذه الأشياء موجودة لا يمكن نفيها فيكون المراد بالنفى نفى صفة غير مذكورة فافتقر إلى بيان تلك الصفة وقال الكرخى وأبو عبد الله البصرى إذا لم يكن المراد به نفى صوة الصلاة والصوم كان المراد بذلك نفى الحكم شرعا فيجوز أنه أراد به نفى حكم الجواز ويجوز أنه أراد به نفى الفضيلة فلا يمكن الحمل عليها جميعا لأن نفى الفضيلة من ضرورته وجود الجواز ولأنه مضمر ودعوى العموم فى المضمر لا يجوز وإذا لم يصح دعوى العموم وجب التوقف إلى أن يعلم المراد وأما أصحابنا فقد زعموا أن هذه الألفاظ ليست مجملة وهو الأصح٦ لأن صاحب الشرع لا يثبت ولا.


١ انظر المحصول ١/٤٦٦ إحكام الأحكام ٣/١٤ نهاية السول ٢/٥١٩, ٥٢٠.
٢ أخرجه البخاري بدء الوحي ١/١٥ ح ١ مسلم الإمارة ٣/١٥١٥ ح ١٥٥/١٩٠٧.
٣ أخرجه أبو داود النكاح ٢/٢٣٦ ح ٢٠٨٥ والترمذي النكاح ح ٨٢/ ٣٩٨ ح ١١٠١ وابن ماجه النكاح ١/٦٠٥ ح ١٨٨١ والدارمي النكاح ١/١٨٤ ح ٨٢/٢ وأحمد المسند ٤/٤٨١ ح ١٩٥٣٧.
٤ أخرجه البخاري الأذان ٢/٢٧٦ ح ٧٥٦ ومسلم الصلاة ١/٢٩٥ ح ٣٤/٣٩٤.
٥ تقدم تخريجه.
٦ انظر نهاية السول ٢/٥١٤, ٥١٥ المحصول ١/٤٦٨ إحكام الأحكام للآمدي ٣/٢٠, ٢١ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/٧, ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>