للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائل لغيره اضرب رجلا واعلم أنه رجل معين وسأبين ذلك وكما لو علم أن زيدا فى الدار وأراد إعلام عمرو أن فى الدار رجلا فإنه قد عنى به زيدا ولم يرد أن يعرفه أنه زيدا.

وأما الثانى الذى قالوه وهو تعلقهم بكلام العربى الزنجى بالعربية أو الزنجى العربى بالزنجية فهذا تعلق فاسد والفرق بين الموضعين أن العرب لا تعرف ما وضع له خطاب الزنج فلم يحسن أن يخاطبه به منفصلا عن بيان ذلك الخطاب أما أن يكون أمرا أو نهيا أو خبرا أو استخبارا أو غير ذلك والسامع من العرب غير متمكن من معرفة ذلك وأما هاهنا فإن المخاطب بالمجمل متمكن من معرفة ما يفيده الخطاب فى الجملة فإنه يعلم أنه أمر أو نهى أو خبر أو استخبار أو غير ذلك وكذلك يعرف ما وضع له الاسم المشترك لأنه وضع لواحد من هذين على انفراده وتصور هذا فى القرء فإنه يعلم أنه يريد بالخطاب أما الاعتداد بالطهر أو الاعتداد بالحيض ألا ترى أن القائل إذا قال للمرأة أريد منك أن تعتدى بشىء يعنى من شيئين أما الطهر وأما الحيض فإنها قد فهمت معنى هذا الخطاب من التردد بين الطهر والحيض وأنها مأمورة بالاعتداد بأحد هذين وكذلك فى قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] يفهم المخاطب أن المراد بالخطاب إيجاب شىء فى ماله وهذا مثل قول القائل فى الدار رجل فإنه يعلم بهذا وجود شخص بوصف الدخول فى الدار وأن لم يعلم حقيقة وهذا لأن الأمر ابتلاء فإذا لزمه أن يعتقد أن الله تعالى أراد منه حقا فى ماله وقد حصل الابتلاء وهذا لعلة أعظم من الابتلاء بالعقل.

قال أبو زيد فى أصوله وهذا كما أن فى القرآن ما هو متشابه أجبنا عن بيانه وقد صح وروده لإيجاب اعتقاد الحقيقة فى الجملة قال ولهذا لو قال لفلان على شيئا يكون البيان إلى المقر منفصلا ومتصلا لأنه تكلم بكلام مجمل وإذا قال لفلان على ألف درهم وفى البلد نقد يختلف كان البيان إليه منفصلا ومتصلا وإذا قال لامرأته أنت بائن فالبيان إليه متصلا ومنفصلا وأما كلامهم فى منع تأخير بيان التخصيص للعموم فنحن نقول إذا ثبت جواز بيان تأخير المجمل ثبت جواز تأخير بيان التخصيص لأن فى الموضعين الموجود بيان متصل بما يحسن فيه البيان.

والذى قالوا: أنه يريد إفهام المخاطب أو لا يريد.

قلنا يريد به إفهامه وقد فهم بالمجمل شيئا فى الجملة وهو الخطاب بإيجاب شىء.

<<  <  ج: ص:  >  >>