عليه وفارق هذا فصل المتكلم بالزنجى مع العربى لأنه لا يفهم منه شيئا ما.
وأما قوله أنه كيف يريد إفهامه مقتضى اللفظ من العموم وأن لم يتصل به دليل يوجب التخصيص والخطاب على هذا الوجه حسن إلا ترى أن لو صرح به حسن فكذلك إذا لم يصرح به وأراده صح أيضا وعلى أن فصل النسخ داخل على ما قالوه وليس لهم على فصل النسخ عذر بيان وقولهم أنه يموت هوش لأن أمده ينقضى بموته إذا مد كل إنسان مدة حياته وأما النسخ فيه قطع الأمد الموت إنهاء الأمد فكيف يتشابهان وأما الذى قالوا: أنه لا بد من إشعاره بالنسخ فنقول مخترع لم يقل به أحد ويبطل بما ورد من نسخ تحليل الخمر ونسخ التوجه إلى بيت المقدس وما أشبه ذلك فإنه قد صح هذه الوجوه من النسخ ولم يتقدم إشعار بذلك من قبل ولا يمكنهم دعوى وجوده فبطل هذا وأما طريقة أبى زيد فضعيفة ولا نسلم أن لفظ العموم فيما يتناوله من الأعيان مثل لفظ الألف فى الأعداد التى اشتمل عليها وإنما العموم مجرد ظاهر فيما يتناوله من الأعيان وهو محتمل الخصوص وتأخير بيان التخصيص عنه لا يمنع منه شرع ولا عقل وهذا خير الكلام فى البيان وما يتصل به القول فى أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وما يتصل بها يذكر أو لا مقدمة فنقول اعلم أن الأفعال على ضربين.
أحدهما ما لا صفة له زائدة على وجوه وهو كبعض أفعال التناهى وبعض أفعال الناس فقد لا توصف بحسن ولا قبح وهذا الفعل الذى لا مضرة فيه ولا منفعة من فعل النائم والساهى وأما ما يكون من أفعال الساهى فيه مضرة أو منفعة فقد قال بعضهم أنه لا بد أن يوصف بالحسن أو القبح وقال بعضهم لا يوصف بشىء من ذلك وهذا هو الأولى لأن الحسن والقبح يتبع التكليف فمن لا يكون عليه تكليف لا يوصف فعله بشىء من هذين وعلى هذا كل فعل يفيد زمن لا تكليف عليه.
وأما الضرب الثانى وهو أفعال المكلفين فينقسم خمسة أقسام واجب وندب ومباح ومحظور ومكروه وقال بعضهم ينقسم إلى قبيح وحسن ثم ينقسم القبيح إلى مكروه ومحظور والحسن إلى مباح وندب وواجب وقد بينا حدود هذه الأشياء ثم اعلم أن الواجب والندب والمباح يصح وقوعها من جميع المكلفين فأما المحظور فقد اتفقوا على صحة وقوع ذلك من بنى آدم وهل يصح وقوع ذلك من الملائكة فذهبت.