للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتزلة١ وكثير ممن سواهم إلى أنه لا يصح وقوع ذلك منهم وتعلقوا بقوله تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] وعند أهل السنة أنه يصح وقوع ذلك منهم بدليل قصة إبليس وقد كان من الملائكة وقصة هاروت وماروت وقد كانا من الملائكة وأما قوله تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] فيجوز أن يكون ذلك فى طائفة منهم أو فى زمان مخصوص والله أعلم وأما الأنبياء عليهم السلام فلا يصح منهم وقوع الكبائر لعصمة الله تعالى إياهم عن ذلك فأما الصغائر فقالوا: لا يصح منهم وقوع ما ينفر عنهم مثل الكذب وما يضع من أقدارهم وما يدعوا إلى البعد عنهم مثل الغلظة والفظاظة ولا يصح منهم أيضا وقوع ما ورد السمع بحظره عليهم من الكبائر وقول الشعر فى حق نبينا صلى الله عليه وسلم.

وعندى أن هذا الحد لا يصح فى حق سائر الأنبياء وقد ورد السمع بحظر الأكل من الشجرة وصح منه ذلك وأما ما عدا ما ذكرناه من الصغائر فقد أبى بعض المتكلمين وقوع ذلك من الأنبياء أيضا والأصح أن ذلك يصح وقوعه منهم ويتداركون ذلك إبان موته قبل اخترام المنية وأما الخطأ والسهو فيجوز وقوع ذلك من الأنبياء وقد حمل كثيرا مما فعلوه مما حكى الله تعالى على ذلك وفى الباب خطب كثيرة وليس هذا موضعه.

وإذا تقرر هذا رجعنا إلى أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم فنقول أفعاله على ثلاثة أضرب.

أحدها: حركاته التى تدور عليها هواجس النفوس كتصرف الأعضاء وحركات الجسد فلا يتعلق بذلك أمر باتباع ولا نهى عن مخالفة.

والضرب الثانى: أفعاله التى لا تتعلق بالعبادات كأحواله فى مأكله ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته فيدل فعل ذلك على الإباحة دون الوجوب.

وأما الضرب الثالث: ما اختص بالديانات وهو على ثلاثة أضرب.

أحدها: ما يكون بيانا.

والثانى: ما يكون تنفيذا وامتثالا.

والثالث: ما يكون ابتداء شرع فأما البيان فحكمه مأخوذ من المبين فإن كان المبين واجبا كان البيان واجبا وأن كان ندبا كان البيان ندبا ويعرف أنه بيان بأن يصرح بأنه بيان كذلك ويعلم فى القرآن أنها مجملة تفتقر إلى البيان ولم يظهر بيانها بالقول فنعلم أن.


١ انظر المعتمد ١/٣٤٢ المحصول ١/٥٠١ إحكام الأحكام للآمدي ٢/٢٤٢ نهاية السول ٣/٧ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>