للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل لتعديه بصيغته.

ومنهم من قال الفعل أولى لأنه أدل وأقوى فى البيان على ما سبق من خبر حلق الرأس فى الحديبية.

ومن أصحابنا من قال هما سواء١ وعندى أن هذا هو الأولى ولا بد من دليل آخر لترجيح أحدهما على الآخر ووجه التسوية بينهما ما ذكرنا فى المسألة الأولى وهو اتفاق الصحابة رضى الله عنهم على التسوية بين القول والفعل وأخذهم بيان الشرع منهما على وجه واحد من غير ترجيح والكتاب يدل أيضا على ذلك وهو فى المواضع التى ذكرناها والله أعلم.

ونذكر حكم ما أقر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عصره فنقول وإذا شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على استدامة أفعال فى بيعات أو غيره من معاملات يتعاملونها فيما بينهم أو مأكول أو مشروب أو ملبوس أو أبنية أو مقاعد فى أسواق فأقرهم عليها ولم ينكرها منهم فجميعها فى الشرع مباح إذا لم يتقدم إقراره إنكار لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستجيز أن يقر الناس على منكر ومحظور كما وصفه الله تعالى فى قوله: {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: ١٥٧] فدل أن ما أقرعليه داخل فى المعروف خارج عن المنكر فإن مدح فاعله وذم تاركه دل على وجوبه وأن ذم فاعله ومدح تاركه دل على حظره وهكذا لو أمره بالتوبة لأنه لا يأمر بها إلا فى معصية وأن مدح فاعله ولم يذم تاركه دل على استحبابه وهكذا لو وعد فاعله بالثواب أو لم يتوعد تاركه بالعقاب دل على استحبابه وأن لم يمدح فاعله ولم يذم تاركه دل على إباحته وأن أقر فاعلا بعد ذمه على فعل مثله دل على.


١ اعلم ان في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو رأي الجمهور أن القول هو المبين سواء علم تقدمه وتأخر الفعل أو بالعكس أو لم يعلم شيء من ذلك.
القول الثاني: لأبي حسين البصري: وهو أنه عند علم التقدم والتأخر يكون المتقدم هو المبين قولا أو فعلا وعند عدم العلم يجعل القول لجحانه من جهة أنه لا يفتقر في إفادته البيان إلى غيره بخلاف الفعل فإنه يفتقر إلى واحد من الأمور الثلاثة السابقة.
القول الثالث: وهو المختار للآمدي: أنه إن علم تقدم القول على الفعل كان القول مبينا وكان الفعل على استحباب الطواف الثاني انظر نهاية السول ٣/٤٥, ٤٦ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٨, ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>