يقبل شهادتهم وقد روى أصحاب الحديث عن قتادة وابن أبى نجيح وعمرو بن عبيد وأضراب هؤلاء فإن كانوا نسبوهم إلى القذف فى كتبهم من يظهر منه العناد والتعنت فلا تقبل روايته وكذلك من يتدين بالكذب فلا تقبل روايته وكذلك المتساهل فى روايته وتارك التحفظ من الزيادة.
وقد ذكر بعضهم أن الشرائط فى الراوى لقبول الرواية خمسة:
أحدها: البلوغ لأن الصغير لا يقبل قوله فى الدين فى خبر ولا فتيا ولا شهادة لأنه لم يقبل خبره فى حق نفسه فأولى أن لا يقبل فى حق غيره وقد ذكر بعضهم أن رواية الصبى إذا كان مميزا وقع فى ظن المستمع صدقه مقبولة١ والأصح هو الأول لأن المعتمد لنا إجماع الصحابة ولم يرو أن أحدا من الصحابة رجع إلى رواية صبى وحده إذا عرف أنه غير مؤأخذ بالكذب لا يزعه عن أمر لكان وازع.
والشرط الثانى: العقل وقد قالوا: أنه لا يجوز الاقتصار على العقل الذى نيط به التكليف بل لا بد أن ينضم إليه شدة التيقظ وكذلك التحفظ وأن كان يفيق يوما ويجن يوما فإن أثر جنونه فى زمان جنونه لم يقبل خبره وأن لم يؤثر يقبل.
والشرط الثالث: العدالة فى الدين وهذا لأن الفاسق لا يوثق بخبره كما لا يوثق بشهادته والعدالة مأخوذة من الاعتدال ولا بد من أربع شرائط.
أحدها المحافظة على فعل الطاعات واجتناب المعاصى.
والثانى أن لا يرتكب الصغائر وما يقدح فى دين أو عرض.
والثالث أن لا يفعل من المباحات ما يسقط القدر ويكسب الذم.
والرابع إلا يعتقد من المذهب ما يرد أصول الشرع مصرح معانيه ووحى وخلا دلائله وقد بينا فى أهل الأهواء ما قاله أهل العدالة الإسلام مع السلامة من فسق ظاهر وجعلوا العدالة المعتبرة فى الشاهد علة العدالة المعتبرة فى المفتى والعدالة المعتبرة فى المفتى أغلظ من العدالة المعتبرة فى الرواية وتعلقوا بحديث الأعرابى أنه لما شهد عند النبى صلى الله عليه وسلم برؤية الهلال قبل شهادته ولم يسأل عن عدالته والصحيح أن ما يعتبر من العدالة فى الشهادة يعتبر فى الرواية يدل أنه أن لم تكن العدالة فى الخبر أغلظ منها فى.
١ انظر إحكام الأحكام ٢/١٠١ المحصول ٢/١٩٤ نهاية السول ٣/١١٩ المستصفى ١/١٥٦ التصريح على التوضيح ٢/٦ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١١٦.