الشهادة فلا يتنفى أن يكون أسهل لأن المخبر ثبت بخبره شرعا يعم إلزامه فكان بتغليظ العدالة أولى قال وأما أهل الأهواء الذين لا يدفع شبهة شهوة تأويلهم نص كتاب ولا سنة ثابتة متواترة شهادتهم مقبولة وقد شدد بعض أصحاب الحديث فى هذا فمنع القبول فيما ذكرنا والأصح ما بينا ونرد خبر من ظهر منه الكذب فما قل أو كثر من أمور الدين وأن كذب فى ضرر أحد وجب إسقاط جميع ما تقدم من حديثه.
والشرط الرابع: أن يكون بعيدا من السهو والغلط ضابطا لما يتحمله ويرويه ليكون الناس على ثقة منه وضبطه وقلة غلطه فإن كان قليل الغلط قبل خبره إلا فيما يعلم أنه غلط فيه وأن كان كثير الغلط رد خبره إلا فيما يعلم أنه لم يغلط فيه وليس من شرط الضبط معرفة أحكام الحديث لأن هذا صفة تزيد على الضبط ولا يمنع جهل الراوى بحكم الحديث قبوله وقد قيل الصدر الأول شهادة الأعراب وأهل البوادى.
والشرط الخامس:أن لا يعرف التساهل فيما يرويه وبالتأويل لمذهبه فربما أحال المعنى بتأويله وربما يدين موضع زيادة يصحح بها فاسد مذهبه فلم يوثق بخبره ومن انتفت عنه الثقة لم يقبل خبره ولا يرد خبر من قلت: روايته كما لا يرد من قلت: شهادته ولا يرد خبر من لم يعرف بمجالسته العلماء والمحدثين لأنه قد يسمع من حيث لا يعلمون.
فأما المدلس فاعلم أن التدليس هو ترك اسم من يروى عنه وطى اسمه وذكر اسم من يروى عنه شيخه وقد ذكر التدليس عن كثير من أئمة الحديث مثل قتادة والأعمش وهشام وشريك وذكر ذلك أيضا عن سفيان بن عيينة وجماعة يجرون مجراه فنقول التدليس من الرواة يجرى على وجهين.
أحدهما أن يعرف بالتدليس ويغلب عليه ذلك وإذا استكشف لم يخبر باسم من يروى عنه فهذا يسقط الاحتجاج بحديثه لأن التدليس معه تزويد إبهام لما لا حقيقة له وذلك يؤثر فى صدقه وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:"المتشبع بما لا يعط كلابس ثوبى زور".
والوجه الثانى من التدليس أن يطوى اسم من يروى عنه إلا أنه إذا كشف عنه أخبر باسمه وأضاف الحديث إلى ناقله فهذا التدليس لا يسقط الحديث ولا يوجب القدح فى الراوى١ وقد كان سفيان بن عيينة يدلس فإذا سئل عمن حدثه بالخبر نص على اسمه ولم يكتمه وهذا شىء مشهور عنه وهو غير قادح قال إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان ابن عيينة يوما بحديث فقال عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد فقلت: يا أبا محمد.