وأهل الرواية منهم قد ذكروا ستة أنواع من التدليس وقد ذكرها أبو عبد الله الحافظ فى كتاب معرفة علوم الحديث١ وذكرها صورا ولم أذكرها كيلا تطول الكتابة وذكرت مكانها حتى أن رغب إنسان فى علم ذلك عرف موضعه وذكر نوعا من ذلك تغير الأسامى بالكنى والكنى بالأسامى لئلا يعرفوا وقد فعله سفيان الثورى وليس هذا مما يوجب القدح فى الحديث وذكر نوعا من ذلك قول المحدث قال فلان ولم يسمع منه وإنما سمع إنسانا تحدث عنه وهو مثل ما قدمنا من قولهم عن فلان قال وقد دلسوا عن قوم مجهولين وعن قوم مجروحين والمتبحر فى علم الحديث يعرف ذلك وهذا باب يطول ذكره إذا وجد سماعا فى كتاب ولم يذكر أنه سمعه جاز له أن يرويه وهذا قول أبى يوسف وعند محمد وأبى حنيفة لا يجوز له أن يرويه حتى يذكر سماعه ولأهل الحديث خلاف فيه وقد اعتبر من منع ذلك بالشهادة وأما من جوز ذلك قال رواية الأخبار محمولة على الظاهر وحسن الظن وقدم فيها ما لم يسامح فى الشهادة ومن الظاهر أنه إذا رأى سماعه بخط من يوثق به أنه قديم فوجب أن يجوز له الرواية وليعلم الحديثى أن الحسن البصرى لم يسمع من أبى هريرة ولا من جابر ولا من ابن عمرو ولا من ابن عباس رضى الله عنهم شيئا قط وإنما روايته عنهم تدليس والشعبى لم يسمع من عائشة رضى الله عنها ولا من على ولا من ابن مسعود ولا من أسامة ولا من زيد بن ثابت رضى الله عنهم وروايته عن هؤلاء تدليس وليعلم أن الأعمش لم يسمع من أنس وأن قتادة لم يسمع من صحابى سوى أنس وأن عامة أحاديث عمرو بن دينار عن الصحابة غير مسموعة وأن عامة أحاديث مكحول عن الصحابة حوالة فاعلم أن عامة المحدثين من أهل الحجاز قد صانوا أنفسهم عن التدليس إلا ما ذكرنا عن ابن عيينة وهو كوفى وفد مكة وصار إمام الدنيا فى الحديث وإنما أكثر التدليس وهو من أهل الكوفة وجماعة من أهل الشام وقد كان خيثمة بن بشير كثير التدليس وهو من أهل واسط وأما أهل بغداد والجبال وأهل خراسان وما وراء النهر فلا يذكر من واحد منهم التدليس إلا الشىء اليسير وقد روى عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد عن أبيه قال التدليس ذل وذكر عبدان عن ابن المبارك أنه ذكر رجلا ممن كان يدلس فقال فيه قولا سديدا وأنشد فيه: