للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال بعض أصحابنا إذا كان الأغلب على الراوى التدليس لا يقبل خبر ما جهلت حاله فى ذلك حتى يعلم أنه غير مدلس وأن كان الأغلب أنه لا يدلس قبلت روايته فيما جهلت حاله حتى يعلم أنه مدلس وأما من يدلس فى المتون فهذا مطرح الحديث مجروح العدالة وهو ممن يحرف الكلم عن مواضعه وأن كان ملحقا بالكذابين ولم يقبل حديثه.

وأما تزكية الرواة فقد قال بعضهم لا نقبل إلا شاهدين والذى عليه أكثر الفقهاء المحدثين أنه يثبت عدالة الراوى بتزكية الواحد لأنها تزكية على خبر فكانت كالخبر ويقبل فى هذا تزكية الراوى وتزكية النساء والعبيد كما يقبل روايتهم١.

فأما قدح الراوى فلا يقبل إلا من شاهدين وإذا روى العدل عن رجل لم تكن روايته عنه تعديلا وزعم بعض أصحاب الحديث أنه يكون تعديلا وليس بصحيح لأنه يجوز أنه إذا سئل عنه بعدله أو بجرحه قال الشعبى حدثنى الحارث الأعور وكان والله كذابا ولأنه لما لم يكن شهادة شهود الفرع على شهود الأصل تعديلا لهم كذلك رواية الراوى لهم.

فإن قيل أيجوز أن يروى عن غير العدل قلنا يجوز فى المشاهير ولا يجوز فى المناكير وأن عمل الراوى بالخبر كان تعديلا للراوى اللهم إلا أن يعمل بموجب الخبر لا لأجل الخبر ويقبل خبر الأعمى والعبد وأن لم تقبل شهادتهما كما يقبل خبر النساء ولا تقبل شهادتهن ونذكر معه هذا الحديث بالمعنى فإنه شىء يرجع إلى الراوى فنقول.


١ اعلم وفقك الله أن الأصوليين قد اختلفوا في مسألة هل يشترط في المزكي العدد على أقوال:
١- لا يشترط التعدد مطلقا كانت التزكية للرواي أو للشاهد وهولأبي بكر الباقلاني ووجهته في ذلك أن التزكية لم تخرج عن كونها خبرا والخبر يقبل من الواحد.
٢ - يشترط التعدد مطلقا ووجهة هذاالقول: أن التزكية شهادة بالعدالة والشهادة لا بد فيها من التعدد ولأن العمل بالمتعدد فيه عمل بالأحوط فوجب التعدد لذلك.
٣ - المختار للإمام الرازي وأتباعه ومنهم البيضاوي أن العدد شرط تزكية الشاهد وليس شرطا في تزكية الراوي ووجهتهم في ذلك أن الشهادة لا يقبل فيها قول الواحد فما كان شرطا فيها وهو التزكية يأخذ حكمها فلا يقبل فيه قولا الواحد كذلك أما الرواية فخبر الواحد فيها مقبول فما كان متعلقا بها يأخذ حكمها فيقبل فيه قوله فمراعاة الأصل في كل واجبة المحصول ٢/٢٠٠ نهاية السول ٣/١٤٢ إحكام الأحكام للآمدي ٢/١١٠ روضة الناظر ١٠٤ المستصفى ١/١٦٢ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٢٢, ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>