للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبى صلى الله عليه وسلم ثم نقول للمستمع أربع أحوال بعضها أقوى من البعض أولها أن يسمع من لفظ المحدث والثانى أن يقرأ على المحدث والثالث أن يكاتبه به المحدث والرابع أن يخبر له المحدث والأول أقوى ثم الثانى ثم الثالث ثم الرابع ونبين خلاف الناس فى ذلك ويجوز أن يكون المحدث أعمى أو أصم وهو يحدث وإذا عرفت هذه المقدمة فنقول بعد هذا ما يتعلق بتحديث المحدث فنقول إذا حدث المحدث من حفظه أو كتابه فلا خلاف للسامع أن يقول: سمعت فلانا يحدث عن فلان وأن شاء قال حدثنا وأن شاء قال أخبرنا فلان وإذا قرىء على المحدث فأقر به فجائز أن يقول: أخبرنا فلان كما يجوز أن يشهد على الإنسان إذا قرأ عليك الصك وقرره به والدليل على ذلك قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] وزعم بعض أصحاب الحديث أنه لايجوز فى هذا أن يقول: حدثنا ولا أخبرنا وإنما يقول قرأ على فلان وأنا أسمع ما قرأ به وأما إذا قرىء عليه فلم يعترف فلا يجوز أن يروى عنه وأن علم أنه حديثه وسماعه١ كما أن الإنسان إذا قرأ على الإنسان وقبل حكايته إقراره بدين أوسع أو نحوه فلم يقر به ولم يعترف بصحته فإنه لا يجوز أن يشهد عليه وقد روى عن أنس بن مالك قال بينما نحن جلوس مع النبى صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال يا محمد إنى سائلك فمشدد عليك فى المسألة فلا تجدن فى نفسك فقال: "اسأل ما بدا لك" فقال نشدتك ربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم قال: "اللهم نعم الخبر" ٢ إلى آخره واحتج شيخ الصنعة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى بهذا الحديث فى كتاب العلم من الجامع الصحيح فى باب العرض على المحدثين وهو دال على ما قلناه من قبل بأنه إذا قرأ عليه فاعترف به يكون حديثا له وإخبار ويصير كأنه سمع منه وقد قال كثير من المحدثين أن العرض على الراوى سماع قالوا: وصورة العرض أن يكون الراوى حافظا متقنا فقدم المستفيد إليه جزء من حديثه أو أكثر من ذلك فتناوله ويتأمل الراوى حديثه فإذا عرف أنه من حديثه قال للمستفيد قد وقفت على ما ناولتنيه وعرفت الأحاديث كلها وهى رواياتى عن شيوخى فحدث بها حتى يجوز أن يحدث بها عنه وينزل هذا منزلة.


١ انظر المحصول ٢/٢٢١ نهاية السول ٣/١٩٣ إحكام الأحكام ٢/١٤١ روضة الناظر ١٠٧ المستصفى ١/١٦٥ البرهان ١/٦٣٧ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٣١.
٢ أخرجه البخاري العلم ١/١٧٩ ح ٦٣ ومسلم الإيمان ١/٤١ ح ١٠/١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>