للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الشاهد١ وقضى بالشفعة فى ما لم يقسم٢ ومعلوم قطعا أن فى هذه الأخبار لم يقصد الرواة ألفاظه صلى الله عليه وسلم وإنما حكوا معانى خطابه من غير قصد إلى لفظه بعينه فدل ذلك على جواز النقل عن طريق المعنى دون المحافظة على اللفظ وأما قوله صلى الله عليه وسلم فأداها كما سمعها هذا لا يمنع من النقل على المعنى ألا ترى أن الإنسان لا يمنع أن يقول: أديت رسالة فلان إليك كما سمعت وأن كان أداه على المعنى وهذا إذا كان الراوى عالما مميزا يعلم ما يتغير به المعنى ويميز بين اللفظ والمعنى أما إذا لم يمكن كذلك لم يجز له مجاوزة اللفظ وقال بعض أصحابنا كل ما أوجب العلم من ألفاظ الحديث فالمنقول فيه على المعنى ولا مراعاة للفظ فيه وأما الذى يجب العمل به منها ففيه ما لا يجوز الإخلال بلفظ كقوله صلى الله عليه وسلم: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" ٣ وكقوله صلى الله عليه وسلم: "خمس يقتلن فى الحل والحرم" ٤ وما أشبه ذلك والأصح ما ذكرناه وهو الجواز بكل حال والله أعلم.

ونذكر عقب هذا ما يتعلق بقولنا حدثنا وأخبرنا وتقدم أولا ما يتعلق بتحمل الأخبار وسماعها فنقول يتعين صحة التحمل وسماع الخبر صحة التمييز والضبط لما يسمعه حتى يعرف ذلك ويفعله إذا لم يكن بلغ من السن ما يعرف هذا لم يصح سماعه.

وقد قدر بعضهم أن بلغ خمس سنين بحديث محمود بن الربيع أنه قال عقلت مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بئر دارنا وكان لى خمس سنين والأصح أن لا يقدر وقد قال بعض الناس يعتبر أن يكون التابع بالغا وليس هذا بشىء فإن إجماع المسلمين ثابت على قبول ما نقله أحداث الصحابة وأن كانوا سمعوه فى صغرهم مثل ابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وأصغر منهم الحسن بن على رضى الله عنهم أجمعين.

وقد روى عن.


١ أخرجه أبو داود الأقضية ٣/٣٠٧ ح ٣٦١٠ والترمذي الأحكام ٣/٦١٨ ح ١٣٤٣ وقال حديث حسن غريب وابن ماجه الأحكام ٢/٧٩٣ ح ٢٣٦٨.
٢ أخرجه البخاري الشركة ٥/١٥٩ ح ٢٤٩٦ ومسلم المساقاة ٣/١٢٢٩ ح ١٣٤/١٦٠٨.
٣ أخرجه أبو داود الطهارة ١/١٦ ح ٦١ والترمذي الطهارة ١/٨ وابن ماجه الطهارة ١/١٠١ ح ٢٧٥ وأحمد المسند ١/١٥٤ ح ١٠١٠ انظر نصب الراية ١/٣٠٧.
٤ أخرجه البخاري بدء الوحي ٦/٤٠٨ ح ٣٣١٤ ولم يذكر الحل مسلم الحج ٢/٨٥٦ ح ٦٧/١١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>