للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس أثبت من الخبر لجواز الكذب والخطأ على الراوى ومثل هذا لا يوجد فى القياس فكان القياس مقدما عليه ولأن القياس يخص عموم الكتاب فلأن يترك به خبر الواحد أولى لأن خبر الواحد أصوب من عموم الكتاب وقد قال بعضهم أن القياس لا يحتمل تخصيصا بل لا يجوز تخصيصه وأما الخبر الواحد يحتمل التخصيص وكان غير المحتمل أولى من المحتمل وقد قال أصحاب أبى حنيفة فى تقديم الأصول على الخبر الواحد بأن الأصول مقطوع بها والقياس غير مقطوع به وكان الدليل المقطوع به أولى من الدليل المظنون واحتج من قدم خبر الواحد على القياس بإجماع الصحابة فإنهم كانوا يتركون أحكامهم بالقياس إذا سمعوا الخبر الواحد وروى أن أبا بكر رضى الله عنه نقض حكما حكم به برأيه بحديث سمعه من بلال وترك عمر رأيه فى الجنين وفى دية الأصابع بالحديث الذى نقل له وكذلك ترك رأيه فى ترك توريث المرأة من دية زوجها بالحديث الذى رواه الضحاك بن سفيان وترك ابن عمر رأيه فى المزارعة بالحديث الذى سمعه من رافع بن خديج ونقض عمر بن عبد العزيز ما حكم به من رد الغلة على البائع عند الرد بالعيب بالخبر الذى روى له أن الخراج بالضمان وهذا شىء معروف منهم وعن بعض المشاهير من الصحابة لقد كدنا نقضى برأينا وفيه خبر عن رسول الله فإن قيل أليس أن ابن عباس قال لأبى هريرة حين روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده فى الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدرى أين باتت يده" ١ فقال ابن عباس فما تصنع بالمهراس والمهراس حجر عظيم كانوا يجعلون فيه الماء ويتوضئون منه قلنا من قال له أبو هريرة يا ابن أخى إذا حدثتك الحديث فلا تضربن له الأمثال ولأن ابن عباس إنما أخبره عن عجزه عن استعمال الحديث لأنه رد الحديث فسقط السؤال ولأن الخبر الواحد أصل القياس وأن القياس الذى يعارض الخبر أصله الخبر أما المتواتر والآحاد فإن قالوا: نحن إنما نقدم القياس على الخبر الواحد إذا كان القياس قائما على دليل قاطع والجواب أن هذا التفصيل لم يعرف من المخالف فى هذه المسألة إنما هذا.


= الثاني: يقدم القياس على خبر الواحد ونسب هذا القول لمالك.
الثالث: الوقف بمعنى أنه لا يعمل بواحد منهما حتى يقوم العمل على ترجيحه وهو لأبي بكر الباقلاني انظر نهاية السول ٣/١٦٤, ١٦٥ المحصول ٢/٢١١, ٢١٣, ٢١٤ إحكام الأحكام للآمدي ٢/١٦٩ حاشية الشيخ محمد مخيت المطيعي ٣/١٦٥ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٢٤.
١ أخرجه البخاري الوضوء ١/٣١٦ ح ١٦٢ ومسلم الطهارة ١/٢٣٣ ح ٨٧/٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>