شىء ذكره أبو الحسين البصرى ولم يعرف له متقدم وعلى أنا بينا أن خبر الواحد فى العمل منزلة الخبر المتواتر لأنه يوجب العمل بدليل مقطوع به فإذا كان الخبر المتواتر فى العمل مقدما على القياس فكذلك الخبر الواحد يكون كذلك أيضا وهذا لأن الخبر إذا ثبت يصير مقتضاه كأنه سمع من النبى صلى الله عليه وسلم وإذا صار كذلك لم يكن بد من تقديمه على القياس وهم يقولون على هذا إنما يجرى مجرى ما سمع من النبى صلى الله عليه وسلم فى وجوب العمل وكذلك القياس وقد قال بعض أصحابنا أن إثبات الحكم بخبر الواحد يستند إلى قول النبى صلى الله عليه وسلم بلا واسطة وإثباته بالقياس مستند إلى قوله بواسطة فكان إثباته بالخبر أولى وهم يقولون على هذا أنه وأن كان لا يتأتى الحكم بالخبر هذه المزية فإن لإثبات الحكم بالقياس مزية أخرى وهى استناده إلى أصل معلوم بدليل قطعى قالوا: وكما أن العمل بخبر الواحد مستند إلى أصل معلوم وهو ما دل على وجوب العمل بخبر الواحد فكذلك الحكم بالقياس مستند إلى ما دل على العمل بالقياس وهو معلوم وكما أن العمل بالقياس مفتقر إلى الاجتهاد فى الإمارة فالحكم بالخبر الواحد يفتقر إلى الاجتهاد فى أحوال المخبرين فهما متساويان فى هذه الجهة وهذا من أقوى ما يحتج به المخالف غير أن هذا الدليل موجب التعارض بين خبر الواحد والقياس وأن يكون الأمر فى تقديم أحدهما على الآخر مردود إلى القياس والمعتمد لنا هو الدليل من إجماع الصحابة والدليل لا بأس به على حسب ما ذكرناه وأما قولهم أن السهو والغلط له مدخل فى الخبر جواز ذلك كجواز كون الحكم غيره متعلق بالإمارة فى القياس وأن كان الأغلب صدق الراوى وتعلق الحكم بالإمارة وأما قولهم أنه يخص عموم الكتاب بالقياس قلنا إذا خصصنا العموم بالقياس لم نكن تاركين للعموم أصلا بالقياس وليس كذلك فى مسألتنا لأنه يؤدى إلى ترك الخبر أصلا بالقياس وأما قولهم أن الخبر محتمل قابل للتخصيص والقياس بخلاف ذلك قلنا الكلام فى خبر نص يرد ويخالفه القياس وفى هذه الصورة لا احتمال واعلم أنه قد قال بعض الأصوليين ينبغى أن يضاف إلى الاجتهاد إذا تعارض الخبر الواحد والقياس على الأصول المقطوع بها وهذا ليس بصحيح لأنا بينا معتمدنا إجماع الصحابة وعلى أن الترجيح للخبر بالدليل الثانى الذى قد بيناه ويمكن أن يقال أيضا أن دلالة الألفاظ لا تستنبط من غيرها وأما القياس فهو مستنبط من الألفاظ وكانت أقوى فى الدلالة إلى هذا الموضع انتهت هذه المسألة وهى مع مالك بن أنس ومن تابعه أن ثبت وأما الكلام مع أصحاب أبى حنيفة فإنهم قد زعموا أن الخبر.