للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ابتغوا فى أموال اليتامى كيلا تأكله الصدقة" ١ فإنه لم يرو عنهم المحاجة بهذا الخبر دل أنه غير ثابت وكذلك اختلاف الصحابة فى عدد الطلاق أنها بالرجال أو بالنساء ورويتم أنه عليه السلام قال: "الطلاق بالرجال" ٢ ولم يجزم بحاجة فثبت أنه مخترع موضوع هذا آخر ما ذكره أبو زيد وسمى هذا الباب باب الانتقاد للخبر الواحد أما الدليل على صحة ما ذكرنا من أن الخبر إذا ثبت لا يجب عرضه على الكتاب لقبوله وكان تخصيص عموم الكتاب به جائز نقول قد قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣, ٤] فأخبر الله تعالى أن مصدر الخبر عن الوحى كما أن مصدر الكتاب عن الوحى وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] وقال سبحانه وتعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩] فأمر باتباع سنن الرسول كما أمر باتباع آى كتاب وإذا كان كذلك وجب قبول ما ثبت عنه ولم يجز التوقف عنه إلى أن يعرض على الكتاب وهذا لأنه حجة فى نفسه فلا يجب عرضه على حجة أخرى حتى يوافقها أو يخالفها وقد قال الشافعى رحمه الله لا يجب عرضه على الكتاب لأنه لا يتكامل شرائطه إلا وهو غير مخالف للكتاب فإن قالوا: فما قولكم إذا خالف قلنا أنتم تتوهمون أنه مخالف ولا مخالفة وقد ضربتم أمثلة فى تلك المسائل لا مخالفة بين الكتاب والسنة وقد أجبنا عما قالوه فى مسائل الخلافيات للفروع وخبر القضاء بالشاهد واليمين لا يمسه الكتاب ولا هو يمس الكتاب وكل واحد منهما فى شىء آخر دون صاحبه وكذلك خبر سعد بن أبى وقاص فى بيع الرطب بالتمر لا يخالف الخبر المشهور الوارد فى الربا لأن هذا الخبر الخاص يدل على اعتبار المماثلة فى هذا الموضع الخاص حاله الجفاف أعدل الحالين وإذا بينا المماثلة على حالة الجفاف بين عدم المماثلة عند العقد وقد قررنا ما فى كتاب الاصطلام ذلك وأما الخبر الذى يروون من الأمر بعرض السنة على الكتاب فهو خبر رواه يزيد بن ربيعة عن أبى الأشعث عن ثوبان ويزيد بن ربيعة مجهول ولا يعرف له سماع من أبى الأشعث وإنما يروى أبى الأشعث عن أبى أسماء الرحبى عن ثوبان فالحديث منقطع وفيه رجل مجهول وحكى الساجى عن يحيى.


١ أخرجه مالك في الموطأ الزكاة ١/٢٥١ ح ١٢ والطبراني في الأوسط ٤/٢٦٤ ح ٤١٥٢ بلفظ " اتجروا في مال اليتامى.." انظر نصب الراية ٢/٣٣٢ انظر تلخيص الحبير ٢/١٦٧ ح ٧.
٢ أخرجه البخاري الفتن ١٣/٧ ح ٧٠٥٦ ومسلم الإمارة ٣/١٤٧٠ ح ٤١/١٧٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>