ابن معين أنه قال هذا حديث باطل وضعته الزنادقة ويحيى بن معين أبو زكريا هو علم هذه الأمة فى علم الحديث وتركته الرواة وهو الطود المنيع وهو الذى كان ينفى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحين توفى بالمدينة وحمل على نعش النبى صلى الله عليه وسلم وكان رجل يمشى قدام الجنازة ويقول: هذا الذى ينفى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحفظ سنته وأخباره والعجب من هذا الرجل أنه جعل هذا الباب باب نقد الأحاديث ومتى سلم له ولأمثاله بنقد الأحاديث وإنما نقد الحديث لا يعرف الرجال وأحوال الرواة ووقفت على كل واحد منهم حتى لا يشذ عنه شىء من أحواله التى يحتاج إليها ويعرف زمانه وتاريخ حياته ووفاته ومن روى هو عنه ومن صحب من الشيوخ وأدركهم ثم يعرف تقواه وتورعه فى نفسه وضبطه لما يرويه ويقظة رواياته وهذه صنعة كبيرة وفن عظيم من العلم وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: "لا تنازعوا الأمر أهله" ١ وهذا الرجل أعنى الدبوسى وأن كان قد أعطى حظا من الغوص فى معانى الفقه على طريقة اختارها لنفسه ولكن لم يكن من رجال صنعة الحديث ونقد الرجال وإنما كان غاية أمره الجدال والظفر بطرق من معانى الفقه لو صحت أصوله التى يبنى عليها مذهبه ولكن لم يحتمل الأساس الضعيف من البناء عليه لا جرم لم ينفعه ما أعطى من الذكاء والفهم إلا فى مواضع يسيرة أصاب فيها الحق وأما فى أكثر كلامه وغايته تراه يبنى على قواعد ضعيفة ويستخرج بفضل فطنته معانى لا توافق الأصول ولم يوافقه عليها أحد من سلف أهل العلم ثم يحمل عجبه برأيه على خوضه فى كل شىء فتراه دخالا فى كل من هجوما على كل علم وأن كان لا يحسنه فيهجم ويعتز ولا يشعر أنه يعثر.
وقد اتفق أهل الحديث أن نقد الأحاديث مقصور على قدم مخصوصين فما قبلوه فهو المقبول وما ردوه فهو المردود وهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيبانى وأبو زكريا يحيى بن معين البغدادى وأبو الحسن على بن عبد الله المدينى وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلى وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى وأبو زرعة عبد الله بن عبد الكريم الرازى وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى وأبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلى وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستنانى وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى ومثل هذه الطبقة يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدى والثورى وابن المبارك وشعبة ووكيع وجماعة يكثر عددهم وذكرهم علماء الأمة فهؤلاء وأشباههم أهل.