نقد الأحاديث وصيارفة الرجال وهم المرجوع إليهم فى هذا الفن وإليهم انتهت رئاسة العلم فى هذا النوع فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه وقدر بضاعته من العلم فيطلب الربح على قدره وإنما جرينا الكلام إلى هذا لأنه كان قد ذكر فى كلامه أن فى هذا النقد علما كثيرا وصيانة للدين عن الأهواء والبدع واعلم أن الخطة الفأصلة بيننا وبين كل مخالف أننا نجعل أصل مذهبنا الكتاب والسنة ونستخرج ما نستخرج منهما ونبنى ما سواهما عليهما ولا نرى لأنفسنا التسلط على أصول الشرع حتى نقيمها على ما يوافق رأينا وخواطرنا وهواجسنا بل نطلب المعانى فإن وجدناها على موافقة الأصول من الكتاب والسنة أخذنا بذلك وحمدنا الله تعالى على ذلك وأن زاغ بنا زائغ ضعفنا عن سواء صراط السنة ورأينا أنفسنا قد ركبت البنيان وبركت الجدد اتهمنا آراءنا فرجعنا بالآية على نفوسنا واعترفنا بالعجز وأمسكنا عنان العقل لئلا يتورط بنا فى المهالك والمهاوى ولا يعرضنا للمعاطب والمتالف وسلمنا الكتاب والسنة عليها وأعطينا المقادة وطلبنا السلامة وعرفنا أن قول سلفنا من أن الإسلام قنطرة لا تعبر إلا بالتسليم.
وأما مخالفونا فجعلوا قاعدة مذاهبهم المعقولات والآراء وبنوا الكتاب والسنة وطلبوا التأويلات المستكرهة وركبوا كل صعب وذلول وسلكوا كل وعر وسهل وأطلقوا أعنة عقولهم كل الإطلاق فهجمت بهم كل مهجم وعثرت بهم كل عناء ثم إذا لم يجدوا وجها للتأويل طلبوا رد السنة بكل حيلة يحتالونها ومكيدة يكيدونها ليستقيم وجهة رأيهم ووجهة معقولهم فقسموا الأقسام ونوعوا الأنواع وعرضوا الأحاديث عليها فما لم يوافقها ردوها وأساءوا الظن بنقلتها ورموهم بما نزههم الله تعالى عنه وهذا الذى نحن فيه وهو التوقف عن قبوله السنة إلى أن يعرض الكتاب والأصول أحد تلك الأقسام على ما قاله هذا الرجل ولسنا نخصه بهذه الآية بل هو متبع فى هذا الأمر ناسج على منوال ثابت قبله سالك سبيلا وطيت له ولأمثاله فإن عيسى بن أبان البصرى هو المخترع لهذا ولذلك نقل عنه التصرف فى الرواة من الصحابة رضى الله عنهم فإنه قال أن كان الراوى متساهلا فى الرواية لم يقدم خبره على القياس مثل أبى هريرة وذويه وقد باء ذلك الرجل بوبال نصب هذه الأخبار وخبر هذه المهواة وبسط هذه الشبكة وطرح هذا الشوك فى طريق الإسلام وهذا أن كان فيه ما فيه لكن العلة فى أمر الفروع أسهل والشرع فيه أصح وإنما الشأن فيما يرجع إلى العقائد فى أصول التوحيد وصفات البارى عز اسمه وأمر القضاء والقدر وعند ذلك يأتى ما يضم السمع والعمى والبصر ولكل