للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتبة وعن كل مسألة والله تعالى أعدل وهو أحكم من أن يعلم ضعفنا وقصور رأينا وقلة أفهامنا ثم تخلينا وعقولنا أو يجعل ذلك أصل دينه وقاعدة سبيله ونسأل الله تعالى العصمة فهو المستعان ومنه التأييد والتوفيق بمنه رجعنا إلى ما كنا فيه.

أما الخبر الذى رووه من الأمر بعرض السنة على الكتاب فقد ذكرنا الكلام عليه وأما الذى ذكروه من قوله صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس فى كتاب الله تعالى فهو باطل وأن كان مائة شرط" فالمراد من كتاب الله هو حكم الله تعالى وتقدس وعندنا كل شرط لم يحكم الله تعالى بصحته فى كتاب أو سنة فهو باطل.

وقولهم: أن الكتاب يقين والسنة فيها شبهة.

قلنا الخبر فى العمل يقين أيضا وقد بينا فى كتاب الانتصار أن عرض القوم ليس هو عرض السنة على الأصول فإنا بحمد الله تعالى لم نجد خبرا صحيحا يخالف الكتاب بل الكتاب والسنة متوافقان متعاضدان وأن عرض سؤال سائل فى كتاب أو خبر فقد أجاب عنه علماء السنة وقد ذكر ذلك الشىء فى كتاب مختلف الحديث وأجاب عنه وذكر غيره أيضا ولكن غرض القوم ومرماهم رد السنة وطى الأحاديث جملة وقد قال أبو حنيفة ما جاءنا عن الله تعالى وعن رسوله فعلى الرأس والعين وهذا قول ثابت عنه وهذا لفظ منصف معترف للانقياد للكتاب والسنة وهو ينفى ما زعموه من التوقف إلى أن يعرض على الكتاب وقد روى ابن عيينة عن سالم أبى النضر عن عبيد الله بن أبى رافع عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكة يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندرى ما وجدنا فى كتاب الله اتبعناه" ١ فبين صلى الله عليه وسلم أن الترفه والنعمة وترك طلب العلم مجملة على هذا المقال فإن الاتكاء على الأريكة شأن المترفين والمنعمين وقد قال الله تعالى فى صفة أهل النار: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة:٤٥] وأما مسألة ورود الخبر فيما يعم به البلوى وقد ذكرنا من قبل فلا يفيد وقد بينا وجود المناقضة فى ذلك ودللنا على فساد ما قالوه بما فيه الغنية وأما ترك احتجاج الصحابة بالخبر فليس فيه دليل على ما قالوه لأنه يحتمل أن يكون ذلك لعدم بلوغ الخبر أياهم وعلى أن غرضه من ذلك الخبر الذى ذكرناه فى مسألة زكاة الصبى وليس الخبر بذلك الأحكام الذى يقتنع وأما الذى نسب إلينا من روايتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


١ أخرجه أبو داود السنة ١٩٩٤ ح ٤٦٠٥ والترمذي العلم ٥/٣٧ ح ٢٦٦٣ وقال حسن صحيح وابن ماجه المقدمة ١/٧ ح ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>