للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم أن خبر الواحد يفيد الظن والكتاب يقتضى القطع قلنا نحن نعمل بخبر الواحد بطريق قطعى مفيد الحكم فهو مثل دليل الكتاب فى العمل قالوا: أليس إنا نعلم قطعا ويقينا أن الله تعالى قال وحكم بما يتضمنه الكتاب وفى خبر الواحد نظر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ولا نعلمه والجواب أما نظن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال الذى قال فى خبر الواحد وقام لنا الدليل القطعى على العمل بما يغلب على ظننا من ذلك وكل هذا علم لأنا نعلم أنه غلب على ظننا صدق الراوى ونعلم قيام الدليل على وجوب العمل فما ظنناه فثبت مساواة الطريق إلى العلم بحكم الخبر طريقنا إلى العلم بعموم الكتاب.

فإن قالوا: بما رجحتم حكم الخبر الواحد على ما يقتضيه الكتاب من العموم.

قلنا بإجماع الصحابة على ما سبق وهو المعتمد والله أعلم.

واعلم أنه إذا ثبت الخبر فخلاف الصحابى إياه لا يوجب رده وترك العمل به لأن الخبر حجة على كافة الأمة والصحابى محجوج به كغيره١ قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] وهذا وارد من غير تخصيص لبعض الأمة دون البعض وقد روينا عن الصحابة أنهم تركوا اجتهادهم وما صاروا إليه بقول الصحابة وأما بغير الصحابى أولى هذا إذا احتمل الخبر وجهين مثل ما فعله عمر رضى الله عنه فى خبر المتبايعين وأما تخصيص الصحابى فلا نقبله ما لم يقم الدليل على التخصيص وهو مثل قول ابن عباس فى المرتدة وقد سبق بيان هذا والله أعلم.


١ انظر المحصول ٢/٢١٥, ٢١٦ نهاية السول ٣/١٦٧ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>