للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوه جملة وثبت ما قلناه ويقال لهم ما قولكم فى القصاص هل ثبت بخبر الواحد فإن قالوا: لا فمحال لأنه حق من حقوق الآدميين فثبت كسائر حقوقهم.

ببينة: أن القياس حجة فيه فخبر الوالد أولى وقد استدلوا بخبر مرسل فى قتل المسلم بالذمى واستدلوا فى أن عمر قتل الجماعة بالواحد وهو دون الخبر الواحد وأن قالوا: يقبل فقد قبلوا خبر الواحد فيما يسقط بالشبهات وأى فرق بين القصاص والحدود والشبهة مؤثرة فى الكل فثبت أن قول من قال أن الخبر الواحد لا يقبل فى الحدود قول مردود وليس عليه دليل والعجب أنهم قالوا: لا يقبل أيضا فى ابتداء النصب ويقبل فى توانى النصب وهذا تفريق مستعجب وإذا قبل فى أحدهما فلا بد أن يقبل فى الآخر لأنه لا يظهر بينهما فرق والله أعلم وعلى ما ذكرنا يقبل عندنا خبر الواحد فى المعاملات والسنن والديانات وهذا قد بيناه من قبل.

ويقبل خبر الواحد فى رؤية هلال رمضان ولا يعتبر شهادة جماعة يقع العلم بقولهم سواء كانت السماء مضحية أو متغيمة١ وعلى مذهب أبى حنيفة أن كانت السماء مضحية لا يقبل إلا شهادة جماعة يقع العلم بقولهم٢ واستدلوا بما ذكرنا لهم فى المسألة الأولى وأما عندنا فيقبل لما بينا أنه شرع عملى من الشرائع فيقبل فيه خبر الواحد دليله غيره من الشرائع العملية وفى المذهب اختلاف القول أنه يقبل شهادة الواحد ويعتبر شهادة الاثنين ولا حاجة إلى إبراز ذلك فى هذا الموضع وأما الذين يقولون أن الناس لما ساووا هذا الواحد فى النظر والمنظر والعين دل تفرده أنه كاذب قلنا مع هذا يجوز أن يكون تفرد الواحد بروايته لحدة بصره أو علم منه موضع الهلال ولم يعلمه غيره أو زيادة قلت: وحدة منه فى النظر إلى أن يراه والباقون قد تفرقوا حين بم يروه لدقته أو خفاء موضعه وإذا جاء واحد من هذه الوجوه فلا يرد خبره ولا يلحق هذا الواحد من العمليات بالعلمى ولا يقطعه عن إخوانه وأضرابه واعلم أن ما يرويه الراوى إذا تضمن إضافة شرع إلى النبى صلى الله عليه وسلم فحكمه ما بيناه وأما إذا لم يتضمنه إضافة شرع إلى النبى صلى الله عليه وسلم فإن كان مما يجرى مجراه مثل إضافة الفتوى إلى المفتى فيقبل خبر الواحد فيه أيضا وأما أن أخبر بحكم الحاكم فإنه لا يقبل إلا بما يقبل بسائر الشهادات وأما الأخبار التى تحتاج إليها الناس فى مصالحهم فيقبل فيها خبر الواحد وقد ذكرنا صورها من قبل وقد ألحق بعض.


١ انظر روضة الطالبين ٢/٢٤٥.
٢ انظر الهداية للمرغيناني ١/١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>