للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوه التابعين والطبقة العالية منهم مثل عطاء بن أبى رباح من أهل مكة ومثل سعيد ابن المسيب من أهل المدينة وبعض الفقهاء السبعة ومثل الشعبى والنخعى من أهل الكوفة ومثل الحسن وأبى العالية من أهل البصرة ومثل مكحول من أهل الشام فهؤلاء قد نقل عنهم مراسيل ولا يظن بهم إلا الصدق وقد كان النخعى يقول: إذا قيل لكم حدثنى فلان عن عبد الله فهو الذى روى لى ذلك وإذا قلت: لكم قال لى عبد الله فقد رواه لى غير واحد ولهذا قال بعضهم أن المرسل أقوى من المسند فهذا وجه تعلقهم بهذا الدليل وهو معتمد جدا دليل آخر لهم هذا أن الناس من زمان النبى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ما زالوا يردون المراسيل من غير تحاش وامتناع قد ملأوا الكتب منها ولم يروا أن أحد من الأئمة أنكر عليهم ذلك ولم يزل العلماء من سلفهم إلى خلفهم يقولون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وقال فلان كذا للواحد فالواحد من الصحابة وهذا إرسال منهم للخبر ولو كان المرسل مردودا لامتنعت الأمة من روايته ولكانوا لا يقرون من فعل ذلك عليه فصار ذلك إجماعا منهم وعرف بما فعلوا أنهم قد سووا بين المرسل والمسند وقد تعلقوا أيضا بما قاله الشافعى رحمة الله عليه فى مراسيل ابن المسيب وغيره فإن قلتم أن مراسيله قد تتبعت فوجدت مسانيد قال فإذا لم تستحسن مسانيده لا مراسليه قال الشافعى أيضا إذا عملت الأمة بالمرسل فإن المرسل مقبولا قال أبو بكر فإذا يكون الإجماع هو المقبول فهل المجموع هو ما ذكرهم وهى دلائل قوم لا بد من صرف العناية إلى إيضاح الجواب عنها خصوصا وقد وجدت بعض من ضعف بكلام أبى بكر الباقلانى وبجعله الإمام والقدوة فى عامة ما ذكره فى أصول الفقه حتى كأنه رضى لنفسه أن يقلده وينصبه إماما لنفسه فى عقائده قد قال أن كان عرض الشافعى عن المراسيل على معنى تقديم المسانيد عليها وقد وجد من كلامه مما يدل على أنه إذا لم يجد أولا المراسيل مع الاقتران بالتعديل عن الإجماع يعمل عليها وبها عندى أن هذا خلاف مذهب الإمام الشافعى وقد أجمع كل من نقل عنه هذه المسألة مع كل العراقيين الخراسانيين أن على أصله لا تكون المراسيل حجة وهو فيما بين الفقهاء من الفريقين أشهر مسألة من خلافيات الأصول ولا عجب من أبى بكر الباقلانى أن كان يتصل القول بالمراسيل فإنه كان مالكى المذهب ومن مذهب مالك قبول المراسيل فأما من انتصب لذب عن مذهب الشافعى رحمة الله عليه فلا يجوز أن يعدل عن قوله إلى قول من لا يعرف تفسيره فى العلم فإن كان الأمر بالمحاجة على المذهب فالحجة سنبينها ونبين عند ذلك أن هذا القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>