وجب ذكر أعيان ذلك لوجب ذكر أعيان ذلك فى الزمان الطويل مخافة أن يكون منها ما لا يسلم معه عدالة الإنسان وهذا متعزز قطعا قالوا: وأن لزمتم على هذا الشهادة فنقول قضية إطلاق الشهادة على هذا أيضا لكن الدلالة منعت من قبول الشهادة على الشهادة حتى يسمى شهود الأصل وليس يجب إذا منعت الدلالة من ذلك فى الشهادة ما يجب أن يمنع قبل ذلك فى الرواية إلا ترى أنه قد دلت الدلالة أن من شرط الحكم بشهادة الشهود الفرع أن يحملهم شهود الأصل الشهادة ولم يجب أن يعتبر مثل ذلك فى الرواية.
ببينة: أنه ما وجب فى الشهادة ذكر شاهد الأصل لم يجب أن يشهد على وجه يجوز إلا يكون سمعه منه وهو أن يقول عن فلان وأما هاهنا فتجوز الرواية مع جواز كونها مرسلا وهو إذا قال الراوى عن فلان ويجوز فى هذا أن يكون سمع منه ويجوز أن يكون سمع من غيره عنه وهذا حجة مبتدأة لهم فى المسألة هينة وهذا لأنا جعلنا إرسال الحديث كأنه ذكر من يروى عنه وعدله وفى الشهادة لا يكتفى بمجرد ذكر شاهد الأصل وقوله هو عدل بل لا بد من تعديل القاضى وفى الرواية يكتفى بما ذكرناه فظهر الفرق بينهما ودليل آخر وهو أنهم ادعوا إجماع الصحابة روى عن البراء بن عازب أنه قال ليس كل ما حدثناكم به سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنا لا نكذب وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أصبح جنبا فلا صوم له فلما سئل عن ذلك ذكر أن الفضل بن عباس رضى الله عنهما أخبره وروى ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا ربا إلا فى النسيئة" ١ ثم ذكر أن أسامة روى له ذلك وروى ابن عباس أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم ما زال يلبى حتى رمى جمرة العقبة ثم ذكر أن الفضل بن عباس أخبره ذلك.
ببينة: أن أحداث الصحابة الذين كانوا صبيانا فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم قد أكثروا الرواية عنه صلى الله عليه وسلم خصوصا ابن عباس ومعلوم أنهم لم يسمعوا إلا القليل ولم يرو عن أحد منهم إنكار ذلك والتفحص عنه والبحث أن هذا الصحابى ممن سمعه فصار ذلك إجماعا منهم على جواز ذلك وأن قلتم يجوز عندنا فى الصحابة ولا يجوز فى التابعين فهو من التمنى الباطل ولا فرق بين صحابى يرسل وتابعى يرسل خصوصا إذا كان الإرسال من.