للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مردود وأما الغريب الذى لا يستنكر والغريب الذى يستنكر فهو أيضا إلى أهل الصنعة.

وأنا أعلم قطعا أنه لم يكن فى هذا العلم حظ أعنى العلم بصحيح الأخبار وسقيمها ومشهور الأخبار وغريبها ومنكراتها وغير منكراتها لأن هذا أمر يدور على معرفة الرواة ولا يمكن أن يقترب من مثل هذا بالذكاء والفطنة فكان الأولى به عفا الله عنه أن يترك الخوض فى هذا الفن ويحيله على أهله فإن من خاض فيما ليس من شأنه فأقل ما يصيبه افتضاحه عند أهله وليست العبرة بقبول الجهلة وأن لكل ساقطة لاقطة ولكن ضالة ناشد ولكن العبرة فى كل علم بأهله إلا ذهن ولكل عمل رجال فينبغى أن يسلم لهم ذلك.

فإن قال قائل فما حد الخبر الصحيح عندكم قلنا قد ذكرنا من قبل رجاله وكتبه فالأمر بالتصحيح والتمريض إليهم وقد ذكر الحاكم أبو عبد الله الحافظ فى كتاب علوم الحديث أن صفة الصحيح أن يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابى مشهور بالصحبة ويروى عنه تابعيان عدلان ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول إلى وقتنا هذا وقد قالوا: أن الصحيح لا يعرف بالرواية من الثقات فقط وإنما بالفهم والحفظ وكثرة السماع وليس للمعرفة به معين مثل المذاكرة مع أهل العلم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث واعلم أن الشرط الذى شرطوه وهو أن يرويه اثنان من التابعين لا يعرفه الفقهاء لأن عند الفقهاء أن رواية الواحد مقبولة وإذا كان ثقة فحكم بصحة الخبر وقد ذهب بعض المتكلمين إلى شرط العدد وليس بشىء لما ذكرنا من إجماع الصحابة على رواية الراوى الواحد فأما أهل الحديث شرطوا هذا العدد لأنه شرط فى الصحة إلا أنهم يسمون ما نقله الواحد من الواحد الصحيح الغريب ويجعلون ما نقله الاثنان فما زاد وتداوله أهل الرواية بالقبول على ما مضى من القرون الصحيح المطلق أو الصحيح المشهور ولهم أسامى فى هذا الباب وألفاظ تواضعوا عليها لمعانى يحتاجون إليها وذكر ذلك يطول ويمل منه الناس فاقتصرنا على هذا والله أعلم.

مسألة الزيادة إذا انفرد بها الراوى الثقة:

يقبل عند آخر وكذلك فى قبول عامة الفقهاء١ وكذلك إذا رفع إلى الرجل الثقة.


١ اعلم أنه إذا روى الحديث اثنان فأكثر وانفرد أحدهم بزيادة لم يروها الآخرون وكان المنفرد بالزيادة عدلا ثقة فلا يخلو إما أن تكون الزيادة للمزيد عليه بحيث لا يمكن الجمع بينهما أو ليست مخالفة له فإن كانت الزيادة مخالفة للمزيد عليه ولا يمكن الجمع بينهما.............

<<  <  ج: ص:  >  >>