للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى لأنه يفيد حكما شرعيا ليس فى الآخر١.

والتاسع: أن يكون فى أحدهما احتياط لا يوجد فى الآخر فيكون الأحوط أولى لأن الأحوط أسلم للدين.

والعاشر: أن يكون أحدهما يقتضى الحظر والآخر يقتضى الإباحة ففيه وجهان.

أحدهما: أنهما سواء لأنهما حكمان شرعيان.

والوجه الآخر: وهو الأصح أن الذى يقتضى الحظر أولى لأنه أحوط٢.

وقيل فى القسم الأول إذا تعارض خبران من روايتين ورويا من واحد وأحدهما أعلم ممن يروى عنه فيكون أولى كالرواية فى زوج بريرة فالذى روى أنه كان عبدا القاسم بن محمد وعروة بن الزبير عن عائشة والذى روى أن زوج بريرة كان حرا الأسود عن عائشة وعروة والقاسم أعلم بعائشة رضى الله عنها من الأسود لأنهما قريباها والأسود أجنبى منها وقيل أيضا إذا تعارض الخبران أن يجوز أن يرجح أحدهما على الآخر لأن الصحابة تلقته بالقبول وأن لم يعرف من الصحابة فى ذلك شىء فإن كان عوام أهل الحديث عملوا بأحدهما يقدم على الآخر وقيل أنه يرجح أحد الخبرين على الآخر بأن يكون أحدهما أشبه بمعانى الكتاب والثانى أشبه بمعانى السنة وهذا قد بينا فإن لم يوجد فى واحد من الخبرين ترجيح بوجه ما وعدم الكل طرحا ويرجع إلى ما كان عليه الإفراد أولا اعلم أن الذى تضمنه الخبر أن ليس من دين الله إذ لو كان من دين الله لم يقع بينهما التنافى أو كان أحدهما من دين الله لم يخل من دليل يدل عليه فإذا لم يدل الدليل على واحد منهما من الوجوه التى قدمناها علمنا أنه ليس من عند الله تعالى وتقدس فأسقطناهما جميعا وقد رجح عيسى بن أبان المرسل على المسند لأن الراوى قال قال النبى صلى الله عليه وسلم وكأنه قطع به والآخر إحالة على غيره ونحن قد بينا أن المرسل ليس بحجة فكيف يرجح بهذا الوصف قال القاضى عبد الجبار هذا الكلام الذى قاله عيسى بن أبان وهو أن الراوى لا يقول قال النبى صلى الله عليه وسلم إلا وقد وثق أن النبى صلى الله عليه وسلم قاله إنما.


١ انظر المحصول ٢/٤٦٤.
٢ قال الرازي: إذا تعارض خبران في الحظر والإباحة وكانا شرعيين فقال أبو هاشم وعيسى بن أبان: إنهما يستويان وقال الكرخي وطائفة من الفقهاء: خبر الحظر راجح انظر المحصول ٢/٤٦٨ وقال الآمدي ذهب الأكثر كأصحابنا وأحمد بن حنبل والكرخي والرازي من أصحاب أبي حنيفة إلى أن الحاظر أولى وذهب أبو هاشم وعيسى بن أبان إلى التساوي والتساقط إحكام الأحكام ٤/٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>