يصح إذا قال قال النبى صلى الله عليه وسلم فأما إذا قال عن النبى صلى الله عليه وسلم فلا يتأتى هذا الكلام وأيضا فإن قول الراوى قال النبى صلى الله عليه وسلم يحسن مع الظن لكونه قائلا لذلك كما يحسن مع العلم فمن أين أنه لم يقل قال النبى صلى الله عليه وسلم إلا وقد روى له جماعة وظنه أكثر من الظن الحأصل برواية المسند المعارض له فإن قالوا: أن الذى يرسل لا يقول قال النبى صلى الله عليه وسلم إلا وقد روى له جماعة قلنا هذا لا يعرف وقد بينا أن السكوت عن اسم المروى عنه محتمل لوجوه كثيرة وقد رجح قوم الخبر بالذكورة والحرية أما الحرية فلا تأثير لها فى قوة الظن وأما الذكورة فيجوز أن يقال أن الضبط معها أشد وظاهر المذهب أن لا يرجح بهما وقد قال قوم أن أحد الخبرين إذا كان يقتضى إيجاب حد والآخر يقتضى نفيه فالنفى أولى لأن الحد يسقط بالشبهة وقد قيل إنهما حسان لأن الحد إنما يسقط عن الأعيان بالشبه فأما إثباته فى الجملة فمساو لإثبات سائر الشرعيات وفى تعارض الخبرين فى إثبات الشىء ونفيه كلام كثير وقد ذكر قوم موافقته دليل العقل فى النفى لأنه الأصل فيكون أولى ويمكن أن يعارض فيقال أن الشرع ناقل كما كان عليه فى الأصل فيكون الخبر الذى يتضمن النقل أولى من الذى يتضمن نفيه الشىء على ما كان عليه فى الأصل وأما إذا تضمن أحد الخبرين الحرية والآخر الرق فقد قال بعضهم أن المثبت للحرية أولى وقال بعضهم هما سيان لأنهما حكمان شرعيان يتقابلان ويتماثلان والأول أحسن وهو أن الحرية أولى لأن الحرية لا يعترضها من الأسباب المبطلة لها ما يعترض الرق والحرية لا يبطلها شىء بعد ثبوتها بخلاف الرق ومثل أيضا فيما لو تعارض خبران أحدهما على قضية العقل والآخر على قضية الشرع أن الذى على قضية الشرع أولى لأنه ناقل على ما سبق وقال بعضهم إذا تعارض خبران أحدهما معلل فيكون أولى وفى الباب كلام كثير اقتصرنا على هذا والله أعلم.
[فصل] ١ اعلم أنا قد فرغنا من القول فى الأخبار وقد شرحنا الكلام فيها على حسب ما أذن الله تعالى فى ذلك وأرجو أن يكون قد وقع به الغنية عن كثير من تطويلات الأصوليين وقد رأيت بعض المتأخرين من أصحابنا ضم إلى أبواب الأصول المعروفة بابا فى تأويل الأخبار وسمى الباب باب التأويل وذكر أن التأويل هو رد الظاهر إلى الله تعالى فى دعوى المسئول وذكر أن الذى يطرق إليه التأويل وهو الظاهر قال وظهوره أن يكون اللفظ فى معناه مظنونا غير مقطوع وأما النصوص فلا يتطرق إليها.