تأويل قال ولا يجوز الاستدلال بالظواهر فيما المطلوب منه القطع لأن ظهور معناه غير مقطوع فلا يسوغ الاستدلال به فى الأمر المقطوع وأما فى أحكام الشرع فيسوغ الاستدلال بالظواهر وقد كانت الصحابة يتعلقون فى تفاصيل الشرع بظواهر الكتاب والسنة وما كانوا يقصرون فى استدلالهم على النصوص ومن استراب فى تعلقهم بالقياس فلا يستريب فى تعلقهم بالظواهر وعلى القطع نعلم أن الظاهر فى إفادة غلبة الظن فوق الأقيسة فإذا جاز التعلق بالقياس جاز التعلق بالظواهر ودليل كون الظاهر حجة فى العمليات هو الإجماع مثل ما هو الحجة فى أخبار الآحاد سواء كانت ظواهر أو نصوصا ثم تأويل الظواهر فى الجملة سائغ إذا قام الدليل عليه ولا بد من دليل يقوم عليه لأن التحكم بالتأويل معتضل عليه من غير أن يعضد شىء لا يجوز لأنه لو جاز ذلك لبطل التمسك بالظواهر أصلا فصار التحكم بالتأويل مردودا وأصل التأويل مقبولا إذا لم يكن على وجه التحكم بل كان مستندا إلى دليل وقد ذكر كلاما طويلا فى المقدمة اختصرنا ما نحتاج إليه ثم ذكر أخبارا رويت فى مسائل من الخلافيات التى تثار بين أصحاب أبى حنيفة وذكر تأويل المخالفين لها وبدأ بمسألة النكاح بلا ولى وذكر الخبر الذى روى فى الباب من قوله عليه السلام:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل"١ ورد تأويلهم للخبر من حملهم على الصغيرة والمكاتبة ورد تأويلهم بالكلام المعهود وعلى ما عرف فى مسائل الخلاف واعتمد فى رد كثير من تأويلات الخصوم بحرف واحد وهو أن الشارع صلوات الله عليه إذا ذكر أبلغ الصيغ فى العموم لا يجوز أن يحمل على موضوع نادر في الوجود قال ويستحيل أن يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم أعم الصيغ وهو قوله أيما امرأة نكحت فإن أعم الصيغ كل وأى وما فيذكر أعم الأدوات ويكون قصده تأسيس شرع ثم زيد والحالة هذه مكاتبة أو صغيرة دون الحرائر البالغات اللاتى هن الغالبات المقصودات ومن ظن هذا التخصيص فى مثل هذا العموم فقد ظن محالا وما كان إلا كمن يقول لبوابه لا تدخل على أحد فلو دخل البواب كل مبرم ثقيل ولم يدخل قوما مخصوصين زاعما إنى حملت لفظك على الذين منعتهم لم يقبل هذا الكلام من البواب وكان حريا أن يؤدب ويصفع وقد ذكر من هذا النوع لرد هذا التأويل وأمثاله كلاما طويلا وذكر عن أبى بكر محمد بن الطيب أنه قال وأنا أعلم على الضرورة والبديهة أن الرسول صلوات الله عليه لم يعن بقوله أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها المكاتبة دون غيرها أو الصغيرة دون المبالغة ثم قال وقد سلم الرسول.