للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعناهما مختلف إلا أنه عطف هذا عليه لقربه منه فإن الله تعالى قال: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ، بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الواقعة: ١٧, ١٨] ثم قال: {وَحُورٌ عِينٌ} [الواقعة:٢٢] وهؤلاء يطاف بهن على أزواجهن وقد قال شاعر العرب.

ورأيت زوجك فى الوغا ... متقلدا سيفا ورمحا

والرمح لا يتقلد فى نظرنا فوجدنا الغاسل ماسحا غاسلا فقد جمع الأمرين فوجدنا الماسح لا يأتى إلا بأحد الشيئين فأخذنا بالغسل ويمكن أن يقال أيضا أن الله تعالى قال فى اليدين: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} وقال فى الرجلين: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فقد ربط منتهى الفرض فى الرجلين بالكعبين وربط واجب اليدين بالمرفقين ومن يكتفى بالمسح فلا معنى لذكر الكعبين عنده ثم ذكر أن المخالفين قالوا: يجوز صرف الصدقة إلى بعض هؤلاء الأصناف لأن المرعى هو الحاجة قال وهذا تأسيس معنى يعطل تقييدا من الله تعالى فى الآية بذكر الأصناف الثمانية ولو كانت الحاجة هى المرغبة لكان ذكرها أولى وأحسن وأشمل فلما نص الرب عز اسمه على الأصناف الثمانية كان التأويل باعتبار الحاجة تعطيلا لا تأويلا فإن الحاجة قد لا تستمر فى بعض الأصناف كالعاملين وبعض الغارمين الذين يتحملون الحمالات لتطفئة الثائرة والفتن الثائرة وقد ذكرنا وجه كلامهم على هذه الآية وانفصالنا عما قالوه فى كتاب الاصطلام فتركنا ذكره هاهنا وأوردنا ما ذكره القائل على كلام مشائخهم ثم ذكر الآية الواردة فى خمس الغنيمة وذكر عن أبى حنيفة أنه اعتبر الحاجة لا القرابة قال والذى ذكره مضادة ومحادة وقد ذكرنا وجه كلامهم أيضا فى كتاب المسمى علم الآية وانفصلنا عنه فاستغنينا عن ذكر ذلك هاهنا وقد ذكرنا أنهم لا يعتبرون مجرد الحاجة ثم ذكر قوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: ٤] وقبول الخصم من وساوس أن معناه فإطعام ستين مسكينا وزيف هذا الكلام بوجه من العربية ونحن قد ذكرنا بطلانه فى المسائل قال ومن الظواهر أيضا قوله عليه السلام فى بيع الرطب بالتمر أينقص إذا جف قالوا: نعم قال فلا إذا قال وأن لم يكن هذا أيضا فى وضع اللسان للتعليل لكنه ظاهر فيه فمن أراد أن يزيل هذا الظاهر بقياس كان مردودا لأن ما يظهر من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فى التعليل مقدم على ما يظهر فى ظن المستنبط وهذا لأن القياس تعلق بمسلك من الظن فيكون ما ظهر من كلام الرسول صلوات الله عليه فى التعليل أولى منه وهذا الكلام يوجب أن لا يصح تخصيص العموم بالقياس ونحن قد بينا جوازه على أصلنا فى هذه المسألة قوله عليه السلام فلا إذا نص.

<<  <  ج: ص:  >  >>