الشرعية كالمنذور أو فرعا للأداء كالقضاء فقد أبعد كل الإبعاد وانصرف عن مأخذ الكلام وذكر تأويلهم الآخر لهذا الخبر وهو أنه أراد إذا نوى اليوم أن يصوم غدا قال وهذا أيضا صورة شاذة نادرة تجرى فى أدراج الوساوس ومن يفعل مثل هذا وربما لا يقع فى الدهور الكثيرة مرة واحدة وحمل كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الشاذ النادر باطل يدخل عليه أن مثل هذا اللفظ إنما يذكر نهيا عن الذهول وتحذيرا من الغفلة واستحسانا على تقديم التبييت وهذا يعلم بأول البديهة ولا ينكره محصل فإذا حمل حامل ذلك على النهى عن التقديم على الليل كان ذلك يقتضى مقصود الخطاب وذكر تأويلهم فى حمل اللفظ على نفى الكمال وأجاب عنه بأن حمل اللفظ على نفى الكمال غير ممكن فى القضاء والنذور وهما من متضمنات الحديث فإذا تعين حمل اللفظ على حقيقتها فى بعض المسميات تعين ذلك فى سائرها لأن الإنسان الفصيح لا يرسل لفظه وهو يريد حقيقته من وجه ومجازه من وجه وعلى الجملة أقول قوله لا صيام حقيقة لنفى أصل للصوم كقوله لا رجل فى الدار نفى أصله فحمله على نفى وصف من الصوم مع تبقية أصله مجاز ولا بد فيه من دليل ثم ذكر مسألة نكاح المشركات وإسلام الرجل والعدد أكثر من الأربع والأخبار المروية فى الباب وتأويل الخصوم لذلك وبين وجه بطلانه وهو وجه بين وفساده ظاهر ولا يحتاج فيه إلى كثير إطناب وقد بينا فى الخلافيات للفروع فلا معنى لذكر ذلك هاهنا ثم ذكر التأويل الذى ذكره الأصحاب وقوله:{وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} وحمل الكثير على الجواز كقولهم جحر ضب وكقول الشاعر:
كبير أناس فى نجاد مزمل
وزيف هذا التأويل بكلمات قالها وذكر وجها آخر فى الكلام على هذه القراءة والصحيح إيجاب الغسل ثم ذكر أن قراءة النصب أمثل وهذا التزييف لا ينبغى أن يسلم لهذا القائل وقد ذكر أهل اللغة فى كتبهم والقراءتان معروفتان والغسل واجب فى الرجلين بلا ريب وترا وقد صنف القاضى أبو الطيب الطبرى رحمه الله فى هذه المسألة تصنيفا حسنا وبلغ الغاية ولم يحتمل هذا الكتاب إيراد ما أورده ومن طلب ذلك أو طلب تصحيح ما قاله الأصحاب لم يعدم الدليل عليه قال أبو الحسين بن فارس فى كتاب حلية الفقهاء فأما غسل الرجلين فواجب ولا صلاة إلا بغسلهما والدليل على ذلك قوله عز وجل:{وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٦] لأنه رده إلى قوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}[المائدة: ٦] فإن قال قائل فقد قرئت بالخفض قيل له قد يعطف الاسم على الاسم