للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لمحمد ولا لآل محمد منها شيء" ١.

وأجتمعت الصحابة على ترك استعمال هذا فدل عدولهم عن استعماله على نسخه.

وأما فعل الأمة فقد سبق ذكره.

والوجه السادس: من دلائل النسخ نقل الراوي تقدم أحد الحكمين وتآخر الآخر وذلك أن يروي أن أحدهما شرع بمكة والآخر بالمدينة أو يروي أن أجدهما شرع عام بدر والآخر شرع عام الفتح أو غير ذلك من الأعوام بعد بدر فإن وجد هذا فلا بد أن يكون المتآخر ناسخا للمتقدم كما روى عن بعض الرواة أنه قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء ما مست النار٢ وهذا وأن لم يكن على مثال ما قلناه عام كذا وعام كذا فهو على مثال ما قلناه أنه يروى تقدم أحدهما وتآخر الآخر وقد روى أيضا من إباحة المتعة ونسخها على ترتيب قد ذكر في الأخبار وأن كان راوي المتقدم غير راوي المتآخر ينظر فإن كان المتقدم من أخبار الآحاد والمتآخر من المتواتر كان المتآخر ناسخا للمتقدم وأن كان المتقدم من أخبار التواتر فلا يصير منسوخا بالخبر الواحد المتآخر وأن كانا متواترين أو كانا جميعا من جملة الآحاد فإنه يصير المتآخر ناسخا للمتقدم ثم الراوي للنسخ لا يخلو أما أن يذكر دليل النسخ أو يرسل للنسخ إرسالا ولا يذكر دليله أما إذا ذكر دليل النسخ فلا إشكال أنه يثبت النسخ وأما إذا لم يكن ذكر دليل النسخ ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن أرسل النسخ إرسالا ففيه وجهان.

أحدهما: يقبل قوله في النسخ وبه قال الحسن الكرخي من أصحاب أبي حنيفة وتعلق من قال هذا بما ينقله من الشرع ووجه ذلك أن الصحابي لا يرسل قوله إلا عن دليل موجب للنسخ.

والوجه الثاني: وهو الأظهر أن لا يقبل قوله في النسخ ما لم يذكر دليل النسخ لجواز أن يعتقد النسخ بما ليس بنسخ كما روى عن بعض أصحابنا أن مسح الخفين نسخ غسل الرجلين وعندى أن هذا أثر منكر ولا يعرف ثبوته عن أحد من الصحابة.


١ أخرجه أبو داود الزكاة ٢/١٠٣ ح ١٥٧٥ والنسائي الزكاة ٥/١٧ باب سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلا لأهلها ولحومتهم والدارمي الزكاة ١/٤٨٦ ح ١٦٧٧ وأحمد المسند ٥/٣ ح ٢٠٠٣٨.
٢ إحكام الأحكام للآمدي ٣/٢٥٩ نهاية السول ٢/٦٠٨ روضة الناظر ٨١ تيسير التحرير ٣/٢٢٢ المحصول ٥٧٢ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٢/٦٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>