للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحصنين ثبت بالسنة ابتداء وهذا جواب ابن شريح وهو حسن جدا فإن قالوا: لا بد على هذا من دليل قلنا لأن الرجم حد المحصن وليس في هذا الموضع ذكر الإحصان ولا ذكر ما يدل عليه الإحصان.

جواب آخر أن سلمنا أن المحصنين والأبكار قد دخلوا في حكم الكتاب لكن بنسخ الحبس والأذى بآية الجلد ثم آية الجلد نسخه في المحصن بقوله الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة وقد كان ذلك قرآنا يتلى في زمان النسخ وأن رفعت تلاوته من بعد وكان ذلك نسخ الكتاب بالكتاب لا نسخ الكتاب بالسنة.

ووجه ثالث وهو أن حكم الرجم مبني على قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} إلى قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: ١٥] أن الله تعالى جعل السبيل غاية ينتهي إليها حكم الحبس فقد تضمنت الآية أن حكم الحبس إلى أن يجعل الله لهن سبيلا وكان السبيل الذي وقع إليه الإشارة في الكتاب هو الرجم الثابت بالسنة وكأن الله تعالى قال وأمسكوهن في البيوت حتى يتبين فيهن سنة ثم قد ثبت ببينة الرجم فانقضى زمان حكم الحبس مثل ما ينقضي زمان الصوم بدخول الليل وليس هذا من النسخ في شيء إنما هو حكم مؤقت ثبت بالكتاب فحين وجد وقته ارتفع وأما نسخ الوصية للوالدين والإرث ثبت بآية المواريث وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" ١ بيان أن آية المواريث ناسخة لآية الوصية فإن الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" والفاء تدل على تقدم المسبب كقولك قمت إلى فلان فضربته دل أن القيام سبب لضربه فيكون على هذا الخبر الوارد مثبتا للكتاب لا ناسخا له ونحن لا ننكر البيان بالسنة ولا نأباه وسائر ما قالوه من بعد إنما هي عمومات دخلها التخصيص وكذلك أن أوردوا قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" ٢ فهذا وأمثاله ليس بنسخ وإنما هو عموم خص ونحن نجوز تخصيص الكتاب بالسنة وإنما الكلام فى النسخ وقد منع الشرع من النسخ ولم يمنع من التخصيص وسنبين الفرق بين النسخ والتخصيص من بعد.

ببينه: أن التخصيص جائز للكتاب بخبر الواحد وأجمعوا أن النسخ لا يجوز بخبر الواحد.


١ تقدم تخريجه.
٢ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>