ولوازمها فيصح اجتهاده فيما يقتضيه التعليل والسنة ولا يصح اجتهاده فيما يقتضيه دلائل الأصول فيما يصح اجتهاده فيه ويقع الإجماع بخلاف ما لا يصح اجتهاده لم يرتفع الإجماع بخلافه وهذا التقسيم ذكره المعرف بأقضى القضاء أبو الحسن الماوردي.
وأما الكلام في اعتبار الورع فقد ذهب معظم الأصوليين إلى أن الورع معتبر في أهل الإجماع وقالوا: أن الفسقة وأن كانوا بالغين في العلم مبلغ المجتهدين فلا يعتبر خلافهم ووفاقهم لأنهم بفسقهم خارجون عن محل الفتوى والفاسق غير مصدق فيما يقوله وافق أو خالف وقد قال بعض أصحابنا يعتبر قوله ولا ينعقد الإجماع بدونه لأن الفاسق المجتهد لا يلزمه أن يقلد غيره بل يتبع فيما يقع له يؤدي إليه اجتهاده وليس له أن يقلده غيره فكيف ينعقد الإجماع عليه في حقه واجتهاده مخالف اجتهاد من سواه ويجوز أن يقال أنه عالم في حق نفسه مصدق على نفسه فيما بينه وبين ربه وهو مكذب في حق غيره وغير ممتنع هذا الانقسام وقد قال بعض أصحابنا أن الفاسق يدخل في الإجماع من وجه ويخرج من وجه١ وبيان ذلك أن المجتهد الفاسق إذا أظهر خلافه فسئل عن دليله فلجواز أنه يحمله فسقه على اعتقاده خرج بغير دليل فإذا ظهر من استدلاله على خلاف ما يجوز أن يكون محتملا يرتفع الإجماع بخلافه وصار داخلا في جملة أهل الإجماع وأن كان فاسقا لأنه من أهل الاجتهاد وأن لم يظهر من استدلاله محتملا لم يقيد لخلافه قال هذا القائل وفي هذا يفارق العدل الفاسق لأن العدل إذا أظهر خلافه جاز الإمساك عن استعلام دليله لأن عدالته تمنعه من اعتقاد شرع بغير دليل وهذا التقسيم لا بأس به وهذا كلام يقرب من مأخذ أهل العلم فليعول عليه.
قال ورأيت في كتاب الشيخ أبي إسحاق الشيزاري رحمه الله أن كل من كان من أهل الاجتهاد سواء كان مدرسا مشهورا أو خاملا مستورا وسواء كان عدلا أمينا أو فاسقا متهتكا يعتد بخلافه لأن المعول في ذلك على الاجتهاد والمهجور كالمشهور والفاسق كالعدل في ذلك والأحسن هو الأول وأما الفسق بتأويل فلا يمنع من اعتبار من يعتد به في الإجماع والاختلاف وقد نص الشافعي رحمه الله على قبول شهادة أهل الأهواء وهذا ينبغي أن يكون في اعتقاده بدعة لا تؤديه إلى التكفير فأما إذا كان يؤديه إلى.
١ انظر نهاية السول ٣/٣٢٤ روضة الناظر ١٢٢ إحكام الأحكام للآمدي ١/٣٢٦ المستصفى ١/١٨٢ أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير ٣/١٨٠.