للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على: أنه نقض الحكم على شريح١ حين قضى بين ابنى عم أحدهما الأخ لأمه وكان جعل المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم فنقض عليه وأما دليلنا فلأنه من أهل الاجتهاد وقت وقوع الحادثة فيعتبر خلافه ولا ينعقد الإجماع دون قوله: دليله إذا كان صحابيا وهذا لأن العبرة بالعلم دون الصحبة بدليل أن من كان من الصحابة غير مجتهد لا يعتبر اتفاقه لانعقاد الإجماع ولأن الصحابة أقروا التابعين على الفتوى في زمانهم وقد كان على رضى الله عنه قلد شريحا قضاء الكوفة فقضى برأيه وعلى بها لا ينكر وكان سعيد بن المسيب يفتى بالمدينة زمن الصحابة وعطاء بن أبى رباح بمكة وأصحاب ابن مسعود كانوا يفتون بالكوفة في زمن الصحابة وكذلك الحسن البصرى وجابر بن زيد كانا يفتيان بالبصرة زمن الصحابة وروى أن ابن عباس رضى الله عنه وأبا سلمة بن عبد الرحمن اختلفا في عدة المبتوته عنها زوجها إذا كانت حبلى فقال ابن عباس تعتد بأبعد الأجلين وقال أبو سلمة: إذا وضعت حملها حلت فقال أبو هريرة أنا مع ابن أخى٢ يعنى أبا سلمة ولم ينكر أحد قول أبى سلمة [وهو] ٣ خلاف لابن عباس وقد قال أبو هريرة: أنا معه وأما الذي ذكره من قول عائشة رضى الله عنها في هذه القصة قلنا قد نقلنا عن أبى هريرة تصويبه وعلى أنه ليس في قول عائشة ما يدل على أن خلاف التابعين لا يعتد به مع الصحابة ويجوز أنه كان رفع صوته على ابن عباس وادعى منزلته وطلب مساواته فانكرت عائشة ذلك وأما خبر على في نقضه قضاء شريح قلنا: هذا لا يعرف وكيف؟ وقد كان ولاه قضاء الكوفة وكان يقضى برأيه وعلى بها وعلى أنه يحتمل أن يثبت ذلك أنه إنما كان يقضى لأنه كان سبقه الإجماع في المسائل قبل أم يدرك شريح زمان الاجتهاد وأما قولهم إن الصحابة يكونون أعلم بالاحكام قلنا قد يكون أعلم وقد لا يكون والدليل على هذا أن أنسا كان يحيل بالمسائل على الحسن البصرى وكان عمر بن يحيل على ابن المسيب وقد قال صلى الله عليه وسلم: "رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" ٤


١ أخرجه الحافظ اليهقي في الكبرى في الفرائض "٦/٣٩٣" ح "١٢٣٧٧" - "١٢٣٧٨".
٢ أخرجه البخاري: التفسير "٨/٥٢١" ح "٤٩٠٩" ومسلم: الطلاق "٢/١١٢٢" ح "٥٧/١٤٨٥"والنسائي: الطلاق "٦/١٥٦" "باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها".
٣ زيادة ليست في الأصل يستقيم بها المعنى.
٤ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>