وعلى أن ما ذكره من الترجيح لا يمنع من مساواة الناس بعين لهم في الاجتهاد. ألا ترى أن من طالت صحبته للنبى صلى الله عليه وسلم من أكابر الصحابة وعلمائها لهم من المزية بطول الصحبة وقوة الأنس بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ليس لصغارها ولمتأخريها ثم الجميع في الاجتهاد واحد فبطل ما قالوه ولأن هذا الترجيح إن كان قائما يكون فيما يوجد من التنبيه فأما فيما يوجد من الكتاب وسائر الأصوليين فلا يكون لمن شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم مزية على غيره فإن قال قائل: إنكم قد قلتم: من قبل إن انقراض العصر ليس شرط من انعقاد الإجماع وإذا لم يكن شرطا وقد انعقد الإجماع فكيف يعتبر خلاف التابعي؟ والجواب: أنا قد قلنا في أول المسألة ما يبطل هذا السؤال لأنا قد بينا أن موضع الخلاف إذا لم تقع الحادثة حتى أدرك التابعى حال الاجتهاد فأما إذا سبق الاتفاق فلا إشكال أن أنعقاده وكونه حجة لا يقف على إدراك التابعى وموافقته لذلك وقد اعتبر ذلك من يشترط انقراض العصر وقد بينا أن هذا الاعتبار يؤدى إلى أن لا ينعقد إجماع.