على المنع زمن عمر رضى الله عنه وأجرى الأثر على ذلك وكذلك كانت الصحابة تقرأ بالحروف المختلفة في زمان أبى بكر وعمر رضى الله عنهما ثم اجتمعوا في زمان عمر رضى الله عنه على [أن] ١ ما بين الدفتين كلام الله فدل أن الوفاق الثاني يدفع الخلاف الأول قيل له هذا لا يشبه مسألتنا لأن عصر الصحابة كله عصر واحد فقد يمتد زمان النظر وتنفسخ مدة الرؤية وقد كانوا ينظرون ثم يعيدون النظر كرة بعد أولى على حسب ما يحتاج إليه لدقة الأمر وغموضه إلى أن يتبين لهم الأمر غاية البيان ويزول الإشكال فلم يكن الإجماع يستقر بأول وهلة والكلام فيما إذا استقر الأمر من الصحابة على شئ وانقرضوا على ذلك ثم حدث من بعد ما يوجب إزالة ما انقرضوا عليه ورفعه وقد قال بعض أصحابنا: إن قرب عهد المختلفين ثم اتفقوا على قول فلا أثر للخلاف المتقدم وهو نازل منزلة تردد من ناظره ثم استقراره أخيرا وأما إذا تمادى الخلاف في زمان فتطاول بحيث يعلم أنه لو كان ينقدح وجهه في سقوط أحد القولين ليظهر ذلك في الزمان الطويل فإذا بلغ الأمر إلى هذا المنتهى فلا حكم للوفاق مع أحد القولين والأمر باق على الخلاف السابق لما بينا أن في اختلافهم وفاقا ضمنيا على أن الخلاف في هذا المجال سائغ وهذا لا بأس به والأول هو المنقول عن أئمة المذاهب وأما الجواب عن كل ما تعلقوا به من الظواهر فقد بينا أن اختلافهم يثبت وفاقا ضمنيا فلا يجوز رفعه من بعد وعلى هذا صارت هذه الظواهر حجة على المخالفين لأن سبيل المؤمنين في العصر الأول لما كان هو تسويغ الاجتهاد فلا يجوز اتباع غير سبيلهم وكذلك لما اجتمعوا على ما ذكرناه كان خلافه ضلالة وخطأ وأما الذى قالوا أن الإجماع المبتدأ لا يجوز خلافه فكذلك الإجماع بعد الخلاف قلنا: ولما قلتم هذا ثم الإجماع المبتدأ لم يتضمن رفع إجماع سبق وقوعه وأما ها هنا فإن الإجماع الذى يوجد من بعد من أهل العصر الثانى يتضمن رفع إجماع سبق وقوعه وهو ما سبق ذكره وأما تعلقهم بما إذا اختلف أهل العصر ثم أجمعوا عليه فقد أجبنا عنه وعلى أنا قد ذكرنا من قبل أن بعض أصحابنا ذهب إلى أن انقراض العصر شرط انعقاد الإجماع وعلى هذا القول لا يرد هذا الفصل أصلا وإن جربنا على ما اخترنا في أن انقراض العصر ليس بشرط فليس وجه الجواب عنه إلا أن يمنع ويقال إذا لم يختلفوا لم يجز أن يجمعوا على أحد القولين وإن تمسكوا بالصور