يمتنع أن يختلف الشرع بحدوث الحوادث ولهذا يجوز أن يرد نص بإسقاط الوضوء عن الرائى للماء في الصلاة مع وجوبه على من رآه قبل الصلاة واستدل أبو زيد في هذه المسألة وقال: إن ثبوت الشئ أو عدم الشئ غير موجب ثبوته ولا عدمه يعنى في المستقبل ويجوز حال العدم ثبوت حالة موحدة ويجوز في حال ثبوت وجود علة معدمة ألا ترى أن عدم الشراء لا يمنع وجود الشراء وكذلك لا يمنع وجود سائر الأسباب وهذا لأن العدم ليس بشئ فيستحيل أن يكون مانعا حدوث شئ وكذلك وجود الشئ ليس بعلة لبقائة بل يبقى لعدم ما يزيله كالملك في باب البيع والحل في باب النكاح وعلى هذا حياة الانسان لا يوجب بقائها ولا يمنع نزيان الموت قال: وإذا ثبت هذا فمن أراد إثبات إدامة الحالة الماضية في المستقبل ثبوته في الماضي وثبوته لا يوجب بقائة كان محتجا بلا دليل يدل عليه أن الثابت لا يزول إلا بدليل بالإجماع فإن كان الاختلاف في الزوال اختلافا في دليله فالذي يدعى الزوال يدعى دليلا والآخر ينكره فلا يكون إنكاره حجة على غيره كما أن دعوى هذا لا يكون دليلا عليه فثبت أن مستصحب الحال متشبث بإنكاره الدليل بلا دليل فإن قيل: الاحتجاج بالأخبار والنصوص صحيح وثبوت النص حجة لا توجب البقاء أيضا فلا يمنع الانتساخ بنص آخر ومع ذلك بقى الحكم قلنا: أما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحتمل الحكم الانتساخ قطعا وإذا لم يتصور النسخ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز ثبوته دليل بقائه وإن تصور دعوى ناسخ له فلا يكون ثبوته من قبل بلا ناسخ دليلا عليه قالوا: ومستصحب الحال متمسك بما كان لعدم الدليل على زواله لا لدليل أوجب بقاؤه انتهى كلام أبو زيد وقال بعض أصحابنا: إن الاحتجاج باستصحاب الحال يؤدى إلى التعارض والتكافؤ في الأدلة لأنه ما من أحد يستصحب حال الإجماع موضع الخلاف في صحة فعل أو سقوط فرض إلا ولخصمه أن يستصحب حالة الإجماع في مقابلته وبيان ذلك أنه متى قال في التيمم إذا رأى الماء في صلاته إن صلاته لا تبطل لأنا أجمعنا على صحة صلاته وانعقاد إحرامه ولا يجوز إبطال ما أجمعوا عليه لا بدليل تعارض الخصم فنقول: أجمعنا على اشتغال ذمته بفرض الإسلام فلا يجوز إسقاط ما أجمعوا عليه إلا بدليل فلا يكون التعلق بأحد الإجماعين بأولى من التعلق بالآخر وما أدى إلى مثل هذا يكون باطلا وأما الجواب عن الخبر قلنا نحن لا نمنع من تعدى الحكم من حالة إلى حالة بدلالة وإنما نمنع لا بدلالة وقول النبي صلى الله عليه وسلم دلالة