وأما مسألة الطهارة: فهناك يقين الدلالة أو يقين الحدث ما زال وها هنا الإجماع قد زال والأولى أن نقول إنه في موضع يقين الطهارة وشك الحدث إنما أخذنا باليقين لأجل الخبر وأما في موضع يقين الحدث والشك في الطهارة كان الأخذ باليقين قياسا على الصورة الأولى وأما الذي استدل به الصيرفى فليس بشئ لأن نهاية ما في الباب أنه يقابل الاحتمالان على ما ذكر لكن لا دليل على بقاء الصلاة فإن قالوا: إذا ثبت يبقى قلنا: قد ذكرنا أن ثبوته لا يكون دليل بقائه فبقى أنه يقول: انعدام الدليل المبطل للصلاة وعدم الدليل لا يكون دليلا فإن قالوا: إذا لم يقم دليل يوجب بطلان الصلاة فهنا قيل له من ادعى البقاء وهناك منازع يمنع البقاء فلابد له من دليل يقيمه عليه ولا دليل له على ما سبق فأما إذا عدم المنازع بقى على ما كان أما عند وجود المنازع لابد من دليل يكون حجة عليه ولم يوجد فإن رجعوا إلى قولهم أن الأصل ثبات الأحكام ودوامها قلنا بلى ولكن ما لم تحدث هذه الحادثة فإما عند حدوث الحوادث فلم قلت هذا وعلى أن قلنا: إن البقاء الذي وقع التنازع فيه لابد من دليل يقام عليه ولم يوجد فأما قولهم إن دليل العقل في براءة الذمم يجعل دليلا وحجة فكذلك دليل الشرع قلنا إنما وجب استصحاب براءة الذمم لأن دليل العقل في براءة الذمة قائم في موضع الخلاف فوجب الحكم به وأما ها هنا فالإجماع الذي كان دليلا على الحكم قد زال في موضع الخلاف فوجب طلب دليل آخر.
والجواب: المعتمد أنا لا نقول تثبت براءة ذمته باستصحاب الحال ولا يحكم بكون الشئ له باستصحاب الحال لكن يطلب من المدعى حجة يقيمها على ما ادعاه فإذا لم تقم بقى الأمر على ما كان من غير أن يحكم بثبوت شئ والخلاف واقع في ثبوت الحكم باستصحاب الحال وهذا لا نقوله في موضع ما وقد قال أبو زيد: إن استصحاب الحال يصلح دليلا. لتبقيه حكم قد كان ثابتا ولا يصلح دليلا لإثبات حكم لم يكن ثابتا وربما نقول: هو حجة دافعة ولا يكون حجة مثبته وهذه العلة تنقض ما سبق من كلامه من قبل والأصح على مذهبنا أن استصحاب الحال لا يكون حجة في شئ ما وسائر ما ذكروه من الاستشهاد خارج على ما بيناه وأما الذي تعلقوا به من النبى إذا أقام المعجزة قلنا إذا ما أقام المعجزة ثبت كونه نبيا فيجب على كل أحد الإيمان به فكان سقوط إمكان من ينكر ثبوته من هذا الوجه لا من قبل دليل استصحاب الحال والله أعلم.