فيلزمهم البقاء على الحكم الأول الثابت بدليله أعنى الحل هذا كلام أبى زيد ذكره في أصوله الذي سماه:"تقويم الأدلة" وهذا الذي قاله تكلف شديد وبنى على هذا الأصل مسائل أخر وطول الكلام تطويلا كثيرا ولم أر كثير فائدة فيه وفى ذكره ونحن نقول: إن عدم الدليل ليس بحجة في موضع ما والذي ادعاه حكى الشافعى رحمه الله عليه من مذهبه فيما قاله لا ندرى كيف وقع له ذلك والمنقول عن الأصحاب ما قدمناه.
وأما مسألة الصلح على الإنكار: فقد بينا وجه فساده في مسائل الخلافيات وكم من أصول ذكروا لنا بنوا عليها مسائل من الخلاف ولا نعلم صحة تلك الأصول على مذهب الشافعى رحمة الله عليه وذكر أيضا مسألة الشفعة على هذا الأصل أو كان جارا على أصلهم فأنكر المشترى أن يكون الشقص ملكا له قال: عند الشافعى رحمة الله عليه لا يلتفت إلى إنكاره ويثبت له حق الأخذ بالشفعة بظاهر ملكه قال: وعندنا ليس له حق الشفعة حتى يقيم البينة أن الشقص ملكه والله أعلم.
"فصل"
وقد ذكر بعض أصحابنا في الحكم بأقل ما قيل وذلك أن يختلف المختلفون في مقدر بالاجتهاد على أقاويل فيؤخذ بأقلها عند إعواز الدليل وهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون فيما أصله براءة الذمة فإن كان الاختلاف في وجوب الحق وسقوطه كان سقوطه أولى من وجوبه لموافقته براءة الذمة الإ أن يقوم دليل على ثبوت الوجوب فيحكم بوجوبه بدليل وإن كان الاختلاف في قدره بعد الاتفاق على وجوبه كدية الذمى إذا وجبت على قاتله فقد اختلفت الفقهاء في قدرها فقال بعضهم هى كدية المسلم. وقال بعضهم: نصف دية المسلم وقال بعضهم: ثلث دية المسلم وهذا مذهب الشافعي رحمة الله عليه وهل يكون الأخذ بالأقل دليلا حتى ينقل عنه اختلف فيه أصحاب الشافعى رحمة الله على وجهين أحدهما يكون دليلا والآخر لا يكون دليلا.
والضرب الثاني: أن يكون فيما هو ثابت في الذمة كالجمعة الفائت فرضها اختلف العلماء في عدد انعقادها فلا يكون الأخذ بالأقل دليلا لارتهان الذمة بها فلا تبرأ الذمة بالشك.