للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه استحسان وأما الكفارات فقد قاسوا الإفطار بالأكل فيها على الإفطار بالوقاع وقد قاسوا قتل الصيد ناسيا على قتله عامدا مع تقييد النص بالعمد في قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] وأما المقدورات فقد قاسوا فيها ومما أفحشوا في ذلك عدد الدلاء عند وقوع الفأرة في البئر ثم أدخلوا تقديرا على تقدير فقدروا للحمامة غير تقدير العصفور والفأرة وقدروا للدجاجة غير تقدير الحمامة وقدروا الحوض بالعشر في العشر وأما الرخص فقد قاسوا فيها وتناهوا في البعد فإن الاقتصار على الأحجار في الاستنجاء من أظهر الرخص ثم اعتقدوا أن كل نجاسة نادرة أو معتادة مقيسة على الأثر اللاصق بمحل النجو فانتهوا في ذلك إلى نفى إيجاب استعمال الأحجار مع قطع كل منصف بأن الذين عاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهموا هذا التخفيف منه في هذا الموضع المخصوص لشدة البلوى فيه وكانوا على تحرزهم في سائر النجاسات على الثياب والأبدان ثم قال الشافعى رحمة الله عليه: من شنيع ما ذكروه في الرخص إثباتهم لها على خلاف وضع الشرع فيها فإنها مثبته تخفيفا وإعانة على ما يعانية المرء في سفره من كثرة أشغاله فأثبتوها في سفر المعصية فهذا الذي ذكروه يزيدونه على القياس إذ القياس تقرير المنصوص عليه قراره وإلحاق غيره به وهذا قلب لوضع المنصوص في الرخص بالكلية قال الإمام رحمة الله عليه والمناقضات للقوم طبيعة لا يمكن نزعها منهم بحيلة وما من أصل لهم في الأصول وفي الفروع إلا ولهم في ذلك من أصولهم لفروعهم مناقض وهذا لأن القوم لم يبنوا فروعهم على أصول صحيحة وإنما وضعوا المسائل على أشياء تراءت لهم ثم تراءت لهم غيرها في مسائل أمثال المسائل الأولة فحكمها بغير تلك الأحكام وراموا الفروق بالخيالات وهيهات ثم هيهات ما أبعدهم عن ذلك فإن الآراء مستعصية على ما لم يسندها إلى أصول صحيحه ومن أراد عد مناقضاتهم جاوز الألوف وبلغ مبلغا ينتهى دونه الحد والعد ولولا أنا آثرنا إثبات المسائل في الأصول والفروع والمعانى وإلا جمعنا من ذلك ما يتحير معه الناظر وتعجب منه المناظر ولو صرفنا إليه طرفا من العناية لم يعدمه طالبه رجعنا إلى الكلام في أصل المسألة وحجة من أبى ذلك من أطلقه احتج من منع دخول القياس في الحدود والكفارات وقال الحد شرع للردع والزجير عن العاصي والكفارة وضعت لتكفير الإثم وما يقع به الردع عن المعاصى ويتعلق به التكفير عن المآثم إلا الله عز وجل لأن الإنسان يردع بالقليل من العقوبة وقد لا يرتدع بالكبير فمقدار ما يقع

<<  <  ج: ص:  >  >>