للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أصل يعارضه يكون ساقطا لأن من شرطه انفكاكه عن المعارض لأن معارضة الدليل بالدليل توجب توقفه عن العمل قال أبو زيد في هذه المسألة حكم النص إذا ثبت على وجه يرده القياس الشرعى لكنه ترك بمعارضة النص إياه ومجيئه بخلافه لم يجز إثبات ذلك الحكم في فرع بالقياس عليه لأن القياس جاء نافيا لهذا الحكم فلم يجز إثباته كالنص إذا جاء نافيا لحكم لم يجز إثباته به وأما دليلنا هو أن ما ورد به الخبر أصل يجب العمل به فجاز أن يستنبط منه معنى ويقاس عليه دليله إذا لم يكن مخالفا للأصول والمعتمد أن ما ورد به الخبر صار أصلا بنفسه فالقياس عليه يكون كالقياس على سائر الأصول فقد تعارض قياسان قياس على هذا الأصل وقياس على سائر الأصول فكما يجوز أحدهما يجوز الآخر ثم على المجتهد أن يرجح أحد القياسين على صاحبة ويجوز أن يرجح القياس على سائر الأصول على القياس على هذا الأصل إذا كان هذا الأصل ثبت لا بدليل مقطوع به لأن القياس على ما طريقه يفيد العلم أولى من القياس على ما يفيد الظن فأما إذا كان هذا الأصل فقد صح القياس عليه ولا ترجيح بما قلنا: لأن الكل ثبت بدليل يفيد العلم فنطلب الترجيح بدليل آخر وهذا لأن أصول الشرع كلها سمعية فعلى هذا لا فرق بين هذا الأصل وبين سائر الأصول ويكون القياس على الكل واحد وقد قال الشافعى رحمة الله عليه: في بعض كتبه ملزما إياهم على هذا الأصل الذى ذكروه وهو أن المعدول من القياس لا يقاس عليه غيره قال: قد زعمتم أن القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء واعتقدتم أن هذا معدول به عن القياس ثم زعمتم أنها تبطل صلاته ذات ركوع وسجود ولا تبطل صلاة الجنازة ولا ينقدح لكم فرق معنوى ولكنكم اعتمدتم قصة جرت في صلاة من الصلوات الخمس ورأيتم أن تقتصروا على مورد النص. ثم قلتم: إن القهقهه تبطل صلاة النفل وإن لم تجز القصة في النفل فليت شعرى ما الذى عن لكم من التخصيص من وجه والإلحاق من وجه وقال أيضا في مساق هذا الكلام اعتقدتم في التوضؤ بنبيذ التمر مع اشتمال كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لو صح الحديث على التنبيه على ذلك فإن صلى الله عليه وسلم قال: "ثمرة طيبة وماء طهور" ١. وهذا في الزبيب يوجد فيقال: زبيب طيب وماء طهور وقد قال: بعضهم محتجا لنا في


١ أخرجه أبو داود: الطهارة "١/٢١" ح "٨٤" والترمذي: الطهارة "١/١٤٧" ح "٨٨" وابن ماجة: الطهارة "١/١٣٥" ح "٣٨٤" وقال: مدار الحديث على "أبي زيد" وهو مجهول عند أهل الحديث: المسند "١/٥٨٢" ح "٤٢٩٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>