هذه المسألة: إنه إذا كان عموم الكتاب لا يمنع من قياس في تخصيص فبأن يكون القياس على العموم لا يمنع من القياس على أصل مخالف للعموم أولى لأن العموم أقوى من القياس عليه فإذا كان العموم نفسه لا يمنع من قياس على أصل فإن أدى إلى تخصيصه فوجود القياس على ما يثبت بالعموم أو بأصل من الأصول كيف يمنع من القياس على أصل آخر فإنه أدى إلى تخصيص الأصول أما الجواب عن دلائلهم قوله إنه إثبات الشئ مع وجود ما ينافيه قلنا: ولم؟ قالوا: لأن القياس على الأصول يمانع القياس على ما ورد بخلاف الأصول. قلنا: هلا كان القياس على ما ورد بخلاف قياس الأصول يمانع القياس على الأصول. قالوا: إذا كان القياس على ما يخالف الأصول يمنع أن يدل أمارة على علة الحكم. قلنا: هذا دعوى لا دليل عليها وإذا جاز أن يدل على علة هذا القياس النص جاز أن يدل عليه دلالة غير النص فإن قيل: ما ورد بخلاف قياس الأصول وإن كان ورد بطريق يفيد العلم وصار أصلا لكن لا يجوز أن يكون في القوة بمثل القياس على سائر الأصول قلنا: وهذا دعوى أيضا وما أنكرتم أن يكون الخبر الوارد بخلاف قياس الأصول قد غير الحكم عما كان عليه من قبل لأنه لما كان ثبت بطريق معلوم صار أصلا في نفسه فلا يمتنع أن يقع التنبيه على علة ويكون التنبيه على علة أقوى من التنبيه على علة مطلوبة من سائر الأصول ثم يقال: لهم أليس قد جاز أن يدل عليها النص وهو أقوى وأظهر من علة الأصول فلم لا يجوز أن يدل عليهما دليل آخر ويكون أقوى من دليل علة الأصول وأما قولهم إن القياس إذا كان دليل الله وجب أن يثبت حكمه في جميع الأحوال حتى يخصه دليل قلنا: إذا كان القياس دليل الله عز وجل فالقياس الذى وجد على الأصل المخصوص قياس أيضا وجب أن يكون دليل الله تعالى فإن رجعوا وقالوا إن القياس على سائر الأصول يمنع من هذا القياس فقد أجبنا عن هذا وقلنا إنه ليس هذا القول باولى من قول من يقول إن القياس على هذا الأصل يمنع من القياس على سائر الأصول وقولهم إن القياس على المخصوص لا ينفك عن أصل يعارضه قلنا: هذا قول المتفقهة الذين لا تمييز لهم فليس لهم من الدرك ما يعرفون به الصحيح من السقيم ويميزون به الخبيث من الطيب وإلا فوجود المعارض لا يمنع صحة القياس لكن يقال: للمستدل سيره إلى الترجيح وإلى تقديم أحد العلتين على الأخرى بنوع دليل وأما الذى قاله أبو زيد فليس بشئ لأن القياس على سائر الأصول ليس يمنع من القياس على هذا الأصل لكن يعارضه ثم لابد