فأما في كل شئ بعينه فيحتمل أنه مخصوص به ويحتمل أنه غير مخصوص به فلا فرق بين الفصلين بوجه ومن هذا الأصل نقول: إن تحريم الخمر معلول وهم يقولون: ليس بمعلول ويطالبون بإقامة الدليل أنه معلول ونحن نقول الدلائل التي دلت على صحة القياس لم تخص محلا دون محل وكل أصل أمكن تعليله بعلة مؤثرة وجب تعليله والتأثير في تعليل الخمر بالشدة في نهاية القوة يدل أنها المحرمة وإذا عرفنا وفرغنا عن هذا الأصل بذكر الفصل الثانى وهو الكلام في فروع القياس فالفرع في القياس ما ألحق بأصل أخذ حكمه منه وقد يكون الفرع على نوعين فرع معنى معلول وفرع شبه متماثل وقد أنكر بعض القائسين بأن يكون المشبه لأصله فرعا في حكمه فابطل فرع الشبه وأثبت فرع المعنى ولم يجعل الفروع إلا ما شاركت الأصل في المعانى دون الأشباه وعكس هذا آخرون وأثبتوا فرع الشبه وأنكروا فرع المعنى وذهب الأكثرون إلى تصحيح كليهما وأثبتوا فرع المعنى وفرع الشبه وسنبين الصحيح من ذلك واعلم أن الذى يلزم في فرع المعنى أن يكون مشاركا لأصله في المعنى الذى جعل علة الحكم.
وأما اختلافهما فيما عدا ذلك من المعاني لا يؤثر فقد تكون الصلاة أصلا للحج في أحكام وورد النص عليها في الصلاة لاشتركهما في معانى تلك الأحكام وإن اختلفا فيما عدا ذلك من المعانى وكذا الحج مع الصلاة والذى يلزم من فرع الشبه أن يجتمع الأصل والفرع في أكثر الأشباه وأغلبها وأقواها ولا يلزم أن يجتمعا في جميع الشبه لأنه يكون هو ولا يكون بينهما فرع ولا أصل وقد ذكر.
ومثال ذلك: إلحاق العبد بالحر في وجوب القصاص في النفس والأطراف ووجوب الكفارة وكذلك إلحاق العبد بالأمة في تنصيف الحد وإلحاق الجواميس بالبقر في الزكاة وقد يكون الشبه في صورة الذات وقد يكون الشبه في حكم الذات والأمثلة التي قلناها في العبيد والأحرار والبقر والجواميس لبيان الشبه في صورة الذات.
وأما الأمثلة للشبه في حكم الذات كإلحاق الوطء بالشبهة بالوطء في النكاح لاشتباههما في الأحكام وكذلك إلحاق المكاتب بالحر وأما العبد في تمليك المال فإن ألحق بالحر في ثبوت ملكه فبقياس الشبه في حكم الذات وليس يمتنع أن نجمع بين الشبهين في الصورة والحكم فيحكم بكل واحد منهما في موضعه بما يقتضيه ثم إذا عرف معنى فرع المعنى وفرع الشبه يكونان متشاركين لأصلهما في صفة الحكم المطلوب بهما من وجوب وإسقاط وتحليل وتحريم وإن اختلفا في طريق الحكم بالمعنى والشبه