التمسك بالطرد لما عجز عنه أحد من طبقات الخلق لما كان من اشتراط استجماع أوصاف المجتهدين معنى ثم قال فإن زعم زاعم أن شرط الطرد أن يسلم عن العوارض والمبطلات ولا يهتدى إلى ذلك إلا عالم فقال كيف لا يهتدى بأن يذكر علة ويطردها أين وجدت قال: وإذا انتهى التصرف في الشرع إلى هذا المنتهى كان ذلك استهزاء بقواعد الدين واستهانة بضبطها وتطريقا لكل قائل أن يقول ما يريد ويحكم بما شاء ولهذا صرف علماء الشرع تبعتهم إلى البحث عن المعانى المختلة المؤثرة.
ببينة: أنا جعلنا إجماع الصحابة هو الدليل الأقوى في صحة القياس ولم يرو عن احد منهم أنه تعلق بطرد لا يناسب الحكم ولا يؤثر فيه وإنما نظروا إلى الأقيسة من حيث المعانى وسلكوا طريق المراشد والمصالح التي تشير إلى محاسن الشريعة ولو كان الطرد قياسا صحيحا لما عطلوه لوما أهملوه ولما تركوا الاعتلال به وكذلك سائر الأئمة االمقتدى بهم من بعدهم وضرب الحليمى لذلك مثلا فقال من رأى دخانا نائرا فظن أن وراءه حريقا كان مصيبا في ظنه ومن رأى غبارا ثم ظن أن وراءه حريقا كان مختلا في ظنه نعم لو ظن أن وراءه عسكرا أو سرحا كان مصيبا ونقول أيضا أنا قد بينا أن العلة هى الصفة الجالبة للحكم ويجوز أن يقال: إن العلة هى المقتضية للحكم فأما إذا لم نعتبر وجود ما يقتضى الحكم أو وجود ما يجلب الحكم في الصفة التي جعلت علة لم تكن هذه الصفة بأن يجعله علة بأولى من غيرها من الصفات فإن للاصل صفات كثيرة وقد جعل أحدهما علة فلابد أن يكون لها اختصاص أو مناسبة بالحكم الذى جعلت الصفة علة له حتى تكون جالبة له أو مقتضية إياه وهذا لأن التغييرات الاتفاقية قد تقع كثيرا فلا يقع الفرق بين التغير الاتفاقى وبين التغير بالعلة إلا بما ذكرناه من وجود اختصاص ومناسبة بين العلة والحكم.
فإن قال قائل: إن المناسبة والاختصاص في إنه يوجد الحكم بوجود العلة ويعدم بعدمها أو المناسبة بالإطراد فقد أجينا عن هذا من قبل ويدل عليه أن دوران الحكم معه وجودا وعدما لا يدل على الصحة لأن الحكم كما يدور وجوده مع العلة فيدور مع الشرط ألا ترى أن من قال: لعبده أنت حر إن كلمت زيدا دار وجود العتق مع الكلام كما دار مع قوله أنت حر وهو علة فدل أن هذا القدر لا يصلح أن يستدل به على صحة العلة وسيعود الكلام في هذا من بعد فإن كثيرا من أصحابنا جعلوا الإطراد والانعكاس دليلا وأما الجواب عن الذى ذكروه أما تعلقهم بالأدلة التي دلت على صحة