للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب والسنة فلا ينبغى للفقيه أن يشتغل بمثل هذه الأشياء فإنه تضييع للوقت وحيد عن مسالك الفقه وترك لسبيل السلف الصالح وجرأة على أحكام الله تعالى وجر المعللين إلى التلاعب بالدين فإنه إذا دخل في أمثال هذا وسهل على نفسه ينجر شيئا فشيئا إلى أمثال ما حكينا من العلل السخيفة ثم حينئذ ينسلخ عن الفقه أصلا ويصير ضحكة عند المحققين ومعدودا من جملة الهاذين المخرفين ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من أشباه ذلك وأمثاله بمنه وطوله وقد ذكر جماعة من أصحابنا جوابا من الأصل المركب وسموه التعدية ولست أرى في ذلك معنى غير أنا نذكر صوره لئلا يخلو الكتاب عن ذكر ذلك لو قال المعلل في مسألة النكاح بلا ولى أنثى فلا توزج نفسها كبنت خمس عشرة سنة فيقول المعترض المعنى في الأصل أنها صغيرة وأعدى ذلك إلى منع استقلالها بالتصرفات فإذا قال المعلل دعوى الصغر ممنوع فيقول المعترض كذلك الأنوثة ليست بعلة وقد أدعيت أنها ععلة فقد ادعيت علة وعديتها إلى فروعك وادعيت علة وأعديتها إلى فروعى فاستوى القدمان وآل الكلام إلى التزامك إبطال علتى أو ترجيح علتك على علتى وأجابوا عن هذا وقالوا معنانا نسلم الوجود وهو الأنوثة وإنما المنازعة لكم في كونها علة وأما الذى ادعيت علة فلا أسلم وجوده فإن اشتغلت بإثبات وجوده منتقلا إلى علة أخرى فالانتقال ممنوع لا سبيل إليه ويستوى فيه السائل والمسئول وقد سلكوا أيضا في إبطال التعدية مسلكا آخر وهو أن يقول لو ثبت معناك لقلت به ضما إلى معناى فإن الحكم الواحد لا يمتنع ثبوته بعلتين وهذا قد لا يجرى في بعض المركبات فأما إذا قلنا في البكر البالغة بكر فتجبر على النكاح كما ذكرناه في بنت خمس عشرة سنة فإذا ذكر المعدى الصغر لم يمكنا أن نقدر الصغر علة في الإجبار فإن الثيب الصغيرة لا تجبر على النكاح عندنا قال الأستاذ أبو إسحاق سبيل المركب إذا عورض بالتعدية أن يقول معناى عندك دعوى غير مثبتة بما تثبت بمثله معانى الأصول أو قد ثبت بدليله فإن قلت لم يقم عليه دليل فلست معللا بعد ولا مقيما متمسكا في محل النزاع فمعارضتك إياى بالتعدية غير متجه وإن اعترفت يكون معناى ثابتا فمعناك الذي أبديته ليس مناقضا لمعناى وإنما يقدح المعارضة إذا جرت مناقضة في المقتضى وهذا الذى ذكرناه أورده الأصحاب نقلته على ما أوردوه وعندي أن الاشتغال بأمثال هذا تضييع الوقت العزيز وإهمال العمر النفيس ومثال هذه التعليلات لا يجوز أن يكون معتصم الفتاوى والأحكام ولا مناطا لشرائع الدين الرفيع وهذا وأمثاله تعمية على المبتدئين وإيقاعهم في الأغلوطات

<<  <  ج: ص:  >  >>