وحيد بهم عن سنن الرشد ومسالك الحق وقد كانت أنواع هذا طريقا مسلوكا من قبل يجرى النظار على سنتها ويجادلون ويناطحون عليها غير أن زماننا الذى نحن فيه غلب عليه معانى الفقه وقد جرى الفقهاء فيه على مسلك واحد فتناظموا في مسلك واحد يطلبون الفقه المحض والحق الصريح وقد تناهت معانى الفقه إلى نهاية أظن أن ليس بعدها مبلغ الحق لطالب ولعلها قاربت في الوضوح الدلائل العقلية التي يدعها المتكلمون في أصول الدين فالنزول عن تلك المعانى إلى مثل هذه الصور زلة في الدين وضلة في العقل واالله العاصم بمنه نعم.
وقد ذكر أبوزيد من أقسام الطرديات: مسألة شهادة رجل وأمراتين في النكاح وتعليل الشافعي فيها أن النكاح ليس بمال١ وذكر لهذا أمثلة والعجب أنه يفهم منا هذا وقد سلكوا مثل هذا المسلك قال محمد بن الحسن: لا ضمان في إتلاف ملك النكاح لأنه ليس بمال وذكر أنه لا [خمس] في اللؤلؤ لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وقال في الصائم يأكل الحصاة لا كفارة عليه لأنه ليس بطعام وقال في ولد الغصب إنه أمانة لأنه لم يغصب وقال أبو حنيفة في العقارات إنها لا تضمن لأنه لم ينقلها اعتذر عن هذه المسائل وقال: إنما قال محمد بن الحسن ما قال في هذه المسائل على سبيل الاستدلال لا على سبيل التحليل ووجه ذلك ان حكم العلة لابد أن يتقدم إذا عدمت العلة كما كان تعد وما قبل العلة فإن هذه المسائل من هذا وإنما أبينا إضافة العدم إلى عدم العلة واجبا به لأن العدم لا يقبل الإضافة وإذا بطلت الإضافة لم يكن علة وإنما يبقى الحكم عند عدم العلة بعلة أخرى وأما الاستدلال بعدم العلة على عدم الحكم صحيح إذا لم توجد علة أخرى تقوم بذلك الحكم قال فمتى اختلفنا في ضمان الغصب لم يجب بدونه وكذلك إذا وقع الاختلاف في ضمان ما هو مال لم تجب فيما ليس بمال لأن الضمان بشرط المماثلة يجب وإذا كان الضمان مالا المتلف ليس بمال تزول المماثلة وذكر في كل مسألة مما ذكرنا شيئا من هذا الجنس وأما في الشهادة فالخصم يحتاج إلى أن يثبت أن شهادة النساء متعلقة صحتها بالمال لتنعدم بعدمه ويحتاج إلى أن يذكر أن العتق من حكم البعضية لا غير حتى ينعدم بعدم [البعضية] وعلى أن غاية ما في الباب أن ما تعلق بالبعضية ينعدم بعدم البعضية إلا أن عندنا في مسألة إذا ملك أخاه لا يتعلق ما تعلق بالبعضية وإنما يقع ما تعلق بالمجزئة والجواب أنا في هذه المسألة لا نعلق الحكم بمجرد