للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعجزهم فالحجة صحتها بما بينا وقد كان سبق بعض هذا الكلام غير أنا ذكرنا في هذا الموضع على وجه السؤال والجواب ما يبين أن الإجراء والطرد ليس بدليل الصحة العلة فكذلك العكس بل هذا أبعد لأن الاطراد يلزم المعلل والانعكاس ليس بشرط لصحة عند أكثر الأصوليين فإن كان الإطراد الذى هو شرط العلة لا يدل على صحة العلة فالانعكاس الذى ليس بشرط لأن لا يكون دليلا أولى ومن جعل ما ذكرناه دليلا يجيب عن هذا فيقول إن مجموع الأمرين يفيد غلبة الظن في انتصاب الشئ علما على الحكم ومن زعم أنه لا يفيد لابد أن ينسب إلى العناد وإن سلم فالقائس غايته إظهار علم على الحكم بجهة تفضى إلى غلبة الظن.

وعندي: أن الإشكال لا يزول بهذا ويدخل على ما ذكروا فصل الشرط الذى قدمنا فإنه يوجد عند وجوده ويعدم عند عدمه وليس بعلة ومن يقول إنه علة ولا يفرق بين اشرط والعلة فهو مجازف ولأن الشئ قد يوجد عند الشئ اتفاقا وينعدم عند عدمه اتفاقا ولا يدل على أنه علة.

وقد حكى الإمام أبو المعالى عن الأستاذ أبى إسحاق أن الدليل على صحة العلة إنما يكون بتقرير إحالته ومناسبته للحكم مع سلامته عن العوارض والمبطلات ومطابقته الأصول وعبر عن هذا فقال وأنا أقرب في ذلك قولا فأقول إذا ثبت حكم في أصل وكان يلوح في سبيل الظن استناد ذلك الحكم إلى أمر ولم يناقض ذلك الأمر بشئ فهذا هو الضبط الأقصى الذى ليس عليه مزيد فإذا أشعر الحكم في ظن الناظر بمقتضى استناد إليه فذلك المعنى هو المظنون علما وعلة لاقتضاء الحكم ثم سأل على هذا سؤالا فقال فإن قيل: الإخالة مع السلامة هي الدالة على صحة القياس إذا لا ما اعتمدتم عليه من إجماع الصحابة.

قلنا: إذا أثبت الإخالة ولاحت المناسبة واندفعت المبطلات التحق ذلك بمسالك نظر الصحابة فالدليل على القياس إجماعهم لكن إجماعهم هو على مثل هذا القياس ثم سأل سؤالا فقال المآخذ على هذا الوجه محصورة والوقائع غير محصورة فكيف يستند ما لا نهاية له إلى المتناهى وقال إن هذا السؤال عسر جدا.

قال الإمام جمال الإسلام: وعندي هذا السؤال ليس يدخل على فصل الإخالة وإنما هو إشكال إن كان في مسألة القياس أنه حجة أو لا وليس يتصور فرع يقع إلا ويستند ذلك إلى أصل مناسب له ويكون معنى الأصل مؤثرا فيه وقد ذكر بعض الأصوليين

<<  <  ج: ص:  >  >>