والوطء بالشبهة وذكر هو غيره ممن ينصر طريقته كلاما طويلا في الأصول التي صنفوها فجعلت فيه هذا القدر وهو الذى يفهم ويقع في القلب من التطويل العظيم في كلامه وجعل يردد هذا المحرف وهو أن ما لا يحس يعرف بأثره فيعرف صحة العلة ببيان أثرها واستشهد بالشهادة في عامة كلامه في هذا الفضل وقال عدالة الشاهد إنما تثبت بأمر دينه في منعه من ارتكاب ما اعتقده حراما بدينه فيستدل به على منعه من الكذب الذى هو حرام في دينه فكذلك عدالة الوصف الذى هو بمنزلة الشاهد على الحكم إنما يعرف بأثره في إيجاد مثل هذا الحكم في موضع آخر بالإجماع ليصير الأثر الموجود دليلا على نظيره ويكون استدلالا بوجود معلوم ولا بعدم ولا بشيء لا يطلع عليه ولا يجوز المحاجة به وهذا إنما يقوله على من يجعل دليله في صحة العلة عدم قيام الدليل على فساده ويقول من يتعلق بذلك الدليل على صحة العلة متعلق بمحض العدم.
قال ولأنا ذكرنا أن الحكم كما يوجد مع العلة ويطرد معه فكذلك يوجد مع الشرط ويطرد معه فلابد من دليل آخر يميز بين الشرط والعلة وذلك في بيان الأثر وأنه لا أثر للشرط في إيجاب الحكم وللعلة أثر فهذا الذى ذكرت قدر ما وجدت من كلام المحققين في بيان الدليل على صحة العلة.
واعلم: أن الاشتغال بدليل الإطراد بمجرده لا معنى له وكذلك بدليل الإطراد والانعكاس وإن كان هذا أمثل من الأول وأوقع في القلب ولأصحابنا العراقيين شغف عظيم بهذا ولعل بعضهم يقول لا دليل فوق هذا ولكن الاعتراض الذى قلناه اعتراض واقع.
وأما الاستدلال بشواهد الأصول فضعيف أيضا كثرة الشواهد لا يكون فيها دليل كثير وهذا لأن الوصف هو المقتضى للحكم فلا بد من بيان معنى في الوصف يدل على الاقتضاء حتى تصح العلة وأما إبطال علة الخصم وطلب تصحيح العلة بهذا الطريق فضعيف أيضا بما قد بينا فلم يبق في الدليل على صحة العلة سوى الإخالة والمناسبة.
وقد ذكر أبو الحسين البصرى في أصوله أن مما يدل على صحة العلة أن يكون الوصف مؤثرا في قبيل ذلك الحكم لأن العلة ما يؤثر في الحكم وما لا يؤثر لا يكون علة.
قال: وهذا كالبلوغ يؤثر في رفع الحجر عن المال فكان أولى أن يكون علة في رفع