الحجر عن النكاح من الثيوبة لأن الثيوبة لا تؤثر في جنس هذا الحكم الذى هو رفع الحجر١.
واعلم أنا بينا تأثير الثيابة في مسائل الخلاف في الفروع وأوردنا ما فيه الكفاية ورجحنا اعتبار الثيابة على اعتبار الصغر وتركنا إيراد ذلك في هذا الموضع واعلم أن مجموع ما يحصل من معنى الإخالة والمناسبة وهو أن يقال دليل صحة العلة وجود وصف مناسب للحكم مخيل مؤثر في إثباته متى عرض الوصف على قواعد الشرع وقوانينه وأصوله فإذا وجد الوصف بهذا الحد عرف صحته وهذا أمر لا يتم بالمكابرات والمعاندات وإنما يعرف ذلك بعرضه على أصول الشرع وقواعده وبيان هذا في الشدة المسكرة: فإنا نقول: إنها العلة في تحريم الخمر ونقيس النبيذ على الخمر بهذا الوصف وهذا وصف مناسب للحكم مخيل مؤثر في إثباته ونعنى بالتأثير إشعاره في القلوب وقبولها لذلك الحكم بتلك العلة ووجود شاهد الأصل على ذلك وكذلك الطعم مشعر بالتحريم بالوجه الذى ذكرناه في كتاب الاصطلام وقد أبى بعض أصحابنا وجود معنى في الطعم يؤثر في الحكم ويشعر وجعل يلوذ بالخير واللياذ بالخير وإن كان حسنا لكنا ندعى إن علة الربا علة مستنبطة لا منصوص عليها وقد استنبط الشافعى علة الطعم واستنبط أبو حنيفه علة الكيل فلابد من إقامة الدليل على تصحيحه من حيث الإخالة والمناسبة وفى هذا خطب عظيم ولا يمكن إقامة الدليل عليه إلا بعد معرفة حكم النص ولابد من الإعراض عن الترجيحات لأن الحاجة ماسة إلى إقامة الدليل على تصحيح العلة فلا معنى للاشتغال بالترجيح وعندنا أن الكيل علة فاسدة وليس لها مناسبة لحكم النص بوجه ما.
وأما الطعم فهو المخيل المشعر بثبوت حكم النص فذكر الترجيح في مثل هذا يبعد فدل أنه لابد من ذكر دليل في نفس الطعم وأنه علة وقد أوردنا وحققنا وليس هذا الكتاب لمسائل الفروع وإنما هو لمسائل الأصول وعلى الأصل الذى أوردناه مسألة بيع الفاسد فإن الفساد مشعر بانتفاء الحكم وفى مسائل النكاح بغير ولى الأنوثة مشعرة ببقاء الولاية للمرأة في الأنكحة والبكارة مشعرة بثبوت الإجبار وأمثال هذا يكثر فهذا هو الأصول وعلى أمثالة هذه العلل ينبغى أن يقع الاعتماد من الله المعونة والتوفيق بمنه.
وحين وصلنا إلى هذا الموضع فنقول قد بينا أن الاطراد ليس بدليل لصحة العلة