للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه شرط لصحة العلة وسيأتى هذا من بعد فأما الانعكاس ليس بشرط ونذكر هذه المسألة في هذا الموضع.

مسألة: اعلم أن الانعكاس ليس بشرط لصحة العلة في قول أكثر الأصحاب:

وهو قول جمهور من انتمى إلى الأصول من الفقهاء وهو أيضا قول بعض المتكلمين وذهب بعض أصحابنا إلى أن الانعكاس شرط فإذا ثبت الحكم بوجود العلة ولم يرتفع بارتفاعها بطلت العلة وهو قول بعض المعتزلة١. ويعلق من ذهب إلى هذا بالعلل العقلية. وقال: العلل الشرعية وإن كانت مظنونة ولكن ينبغى أن تكون على مضاهاة العلل العقلية إلا في كون إحديهما معلومة والأخرى مظنونة ثم العلل العقلية يجب انعكاسها كذلك العلل السمعية ولأن العلل الشرعيه إنما تفيد الحكم لآنها تفيد غلبة الظن فإذا وجد الحكم بوجود الوصف ولم ينعدم بعدمه ولم يفد غلبة الظن فلا يبقى حجة.

وأما دليلنا نقول: العلة المنصوبة للإثبات فلا تدل على النفى وكذلك إذا نصبت للنفى لا تدل على الإثبات.

فنقول علة منصوبة فلا يطلب منها إلا التأثير في ذلك الحكم كالعلة المنصوص عليها لا يطلب منها إلا إثبات الحكم الذى تناوله النص وهذا لأن المقصود من التعليل إثبات الحكم دون نفيه فلا يعمل في النفى لأن العلة إنما تعمل فيما قصد بالعلة.

ونقول أيضا إن العكس لو كان شرطا لكان لا يقتل إلا قاتل من حيث كان القتل علة قتل القاتل أو لا يقتل إلا مرتد فإذا كان الحكم الثابت بعلة تطرد مع ارتفاعها لوجود علة أخرى تخلفها عند ارتفاعها دل ذلك أن الانعكاس ليس بشرط.

فإن قالوا: إن القتل قصاصا قد لنعدم بعدم القتل وكذلك الفعل بالردة لنعدم بعدم الردة وإنما تقتل بعلة أخرى.

قلنا: فإذا كان وجوب القتل بعلة القتل من حيث انعدام وجوب القتل عند عدم القتل فإذا حدث علة أخرى للقتل فينبغى أن يحكم بتعارض ما يوجب القتل وما لا


١ انظر إحكام الأحكام "٣/٣٣٨" المستصفى "٢/٣٤٤" البرهان "٢/٨٤٢" نهاية السول "٤/١٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>